وسائل إثبات النسب أو نفيه في ظل التطورات البيولوجية المعاصرة.. (1)
تطورت التقنيات المستعملة في علم البيولوجيا، وكاد الإنسان يعتقد أنه في حلم لما يشاهد من حقائق هذه العلوم.
ولقد أدى هذا التطور إلى تغيير كثير من المفاهيم حول الإنسان، فأصبحت تتردد بيننا مصطلحات: هندسة البشر.. هندسة الوراثة.. بنوك الأجنة.. بنوك المني.. الأرحام المستعارة.. شتل الجنين.. إلى غير ذلك من المفاهيم التي لم تكن معروفة من قبل.
وأمام هذا التراكم في منجزات التقدم العلمي البيولوجي تحتم طرح قضية الكرامة الإنسانية واحترامها في مجال البحث العلمي، ولم تقف بعض المجتمعات أمام هذه المنجزات مكتوفة الأيدي، بل سارعت إلى مناقشة قضية العلاقة المتبادلة بين البيولوجيا والثقافة والقيم والأخلاق والقانون، من أجل تقييد هذا الاتجاه العلمي البيولوجي ببعض القيود.
ولوجود فراغ تشريعي في هذا المجال تم تأسيس لجان أخلاقية سواء على المستوي الجهوي أو الدولي، إلا أن هذه اللجان بقي دورها محدودا في إطار أخلاقي تعتبر قراراته غير ملزمة. وسنعالج في هذا الموضوع القضايا التي تثيرها هذه التطورات في ميدان البيولوجيا على مستوى النسب، مع بيان الضوابط الشرعية التي ينبغي أن تتوفر حتى تكون بعض إنجازات هذا العلم موافقة لمقاصد الشريعة الإسلامية بالنسبة للمشتغلين بهذه العلوم، مما تسبب عنه فوضى في تسخير هذه العلوم لأغراض تتنافى والقيم الأخلاقية والمبادئ الدينية، وسنعالج في هذا الموضوع القضايا التي تثيرها هذه التطورات في ميدان البيولوجيا على مستوى النسب، مع بيان الضوابط الشرعية التي ينبغي أن تتوفر حتى تكون بعض إنجازات هذا العلم موافقة لمقاصد الشريعة الإسلامية.
1. وسائـــل إثبات النسب ووسائــل نفيــه في الشريعــة الإسلاميـــة
أ. وسائل إثبات النسب:
تعريف النسب لغة وشرعا:
النسب لغة واحد النسب، والنسب القرابة، وقيل في الآباء خاصة، ونسبت الرجل أنسبه بالضم نسبة ونسبا إذا ذكرت نسبه[1].
والنسب في الشرع هو سلالة الدم، أو رباط سلالة الدم الذي يربط الإنسان بأصوله وفروعه وحواشيه[2].
ويعتبر النسب من الحقوق الطبيعية للإنسان، وهو حق عائلي للشخص، وحق النسب من حقوق الله التي يقصد بها النفع العام للعباد جميعا، كما أنها ليست محلا للإسقاط أو التنازل عنها من طرف أي كان، وبأية وسيلة كانت.
وقد وضعت الشريعة الإسلامية ضوابط ومعايير لحفظ الأنساب من الضياع وصيانتها من الاختلاط، وأحاطتها بسياج من الأحكام يقيها كل ما من شأنه أن يعرضها للفوضى..
يتبع في العدد المقبل..
—————————————————————
1. لسان العرب لابن منظور، ج: 3، ص: 623، دار صادر، بيروت.
2. النسب في الشريعة والقانون، أحمد حامد الطبعة الأولى، 1983، دار القلم، ص: 17.
أرسل تعليق