Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

٪ تعليقات

نقاش فكري حول «المشروع الحضاري» للأمة

من الأمور المنهجية التي صاحبت مناقشة مفهوم «الإمكان الحضاري» ـ الذي تعرضنا له في العدد السابق من جريدة الميثاق الغراء ـ في الكتابات الإسلامية المعاصرة هو طابع الموضوعية والتحليل المنطقي لقضية استرداد المكانة التي كانت عليها الأمة من قبل، مما أخرج الصيحات والدعوات والمطالب التي تدعو إلى التغيير الحضاري من إطارها النظري التجريدي إلى شكلها العملي التصوري.

وفي هذا الإطار أبدى الأستاذ عماد الدين خليل ملاحظاته حول «المشروع الحضاري» للأمة الإسلامية، وناقش كيفية تحويل مطالب المشروع من مستوياته التنظيرية إلى واقع الحياة اليومية الإسلامية، لكي ينسج خيوطها بمقاصد شريعة الله. ثم تحدث عن خطط العمل الواقعية التي تحول «المشروع الحضاري» إلى أمر متحقق في الزمان والمكان، ليشير في عرضه إلى أن هذا كله ينبني على جهد مركب: يمضي أحدهما باتجاه الإصلاح والتقويم وإعادة تعديل الوقفة التاريخية الجانحة، ويسعى الآخر إلى إبداع أو تصميم صيغ جديدة تستجيب للمتغيرات وتتعامل معها بأقصى درجات المرونة..[1].

وقد تناول هذه القضية كذلك الأستاذ حسن الترابي، ونبه إلى أن «المشروع الحضاري» الذي تبنته الأمة قد يصطدم بجمود الواقع التاريخي الديني، أو بالروح السلبية المتفشية في الأوساط الاجتماعية، أو بعصبية التقليد التي تأبى الانفتاح أمام التغيير والتجديد الحضاري، مما دفعه إلى القول بأن حال الأمة يستدعي «ثورة» تبدل التغييرات التي تضاعفت وترسخت، مع إيمانه العميق بأنه مهما يكن الشطط في هذا التكيف فإن حاجة المجتمع تستدعي تحولا عاجلا شاملا وثورة حضارية تامة، وتبديلا لأمر الدين والحياة بغير تغيير لثوابت الأصول والأحكام التي شرعها الله وسنها رسوله في تاريخ المجتمع البشري[2].

وساهمت في هذه المناقشة كذلك الأستاذة منى أبو الفضل ببحث قيم يهدف إلى تحديد الهوية الحضارية للمنطقة العربية، وهو محاولة مصاغة برؤية إسلامية ناقدة، ومبنية على منهجية علمية دقيقة، بلورت فيها نظرتها الفلسفية للأمة العربية الإسلامية، وخلصت فيها إلى مجموعة من الآراء، نذكر منها بعضها في ختام هذا النقاش المقتضب:

أولا: إن المنطقة العربية مع سائر أجزاء العالم الإسلامي منطقة حضارية واحدة ذات طابع مشترك حفظ لها تضامنها ووحدتها على الرغم مما تحفل به من مظاهر التعدد والتنوع.

ثانيا: إن عصب هذه المنطقة الحضارية الإسلامية هو العروبة، ولب هذا العصب وجوهره هو الإسلام، فالمنطقة العربية تحتل وسط أو قلب المنطقة الحضارية الإسلامية. وقد نجد هذا الدور المحوري تاريخيا كما هو قائم بالفعل جغرافيا، ومستمر بصفة دائمة لغويا حيث العربية، لكونها لغة التراث الإسلامي الأعظم، هي المرجعية المعرفية للمسلمين جميعا.

ثالثا: تحتل المنطقة العربية في ذاتها موقعا وسطا– جغرافيا وسياسيا وتجاريا- في قلب العالم القديم، فهي بمنزلة القلب النابض للعالم، وهذه الوسطية تنفي عن هذه المنطقة صفة الحيادية، فهي ليست بالمنطقة الهامشية أو القابلة للتشكل أو التجاهل، وإنما هي منطقة تفاعل، فإما أن تكون صاحبة المبادرة ومصدر الفعل أو أن يفعل بها، فتكون مجالا لصراع القوى المناوئة لها ونفوذها، فالمنطقة العربية بمعطياتها التكوينية بؤرة الوسط أو قلب القلب، وهذه المركزية في الموقع السياسي والحضاري والاقتصادي والمعنوي والتاريخي والجغرافي تلقي على منطقتنا العربية عبء القيام بمهمة قيادية في محيطها الحضاري[3].

————-

1. ذ. عماد الدين خليل: ملاحظات حول «المشروع الحضاري»، مجلة إسلامية المعرفة، ع 9، ص 116-117.
2. ذ. حسن الترابي: تجديد الفكر الإسلامي، ص 113.
3. أنظر ذة. منى أبو الفضل: التعريف بماهية المنطقة العربية، مجلة إسلامية المعرفة، ع 9، ص 30.

التعليقات

  1. د/ حمادة أحمد البهنيهي

    قرأت الموضوع بتردد متوقعا ألا أجد جديدا لأن هذا الموضوع شغلي الشاغل منذ سنوات وتوصلت لأشياء هامة لا أعتقد أن أحدا وصل إليها .. لكني بعد أن قرأت أعجبني الموضوع جدا .. وأستطيع القول أن مجهودي طيلة سنين ينصب في تنقية أصول أهل السنة والجماعة من تلاعب علماء السلطان في زمن الدولة الأموية، فقد كان الحكام يجندون علماء ويعينونهم قضاة كما كان يفعل مبارك وكل السلاطين. وهؤلاء شوهوا العقيدة وكتب الحديث وأصول الفقه … توصلت إلى أن عقيدة الصحابة والبعد عن علم الكلام هي اعقيدة أهل السنة والجماعة وعلمت من الذي أدخل التحريف على عقيدة الشافعي ومن أدخل التحريف على عقيدة الإمام أحمد … التفاصيل كثيرة على موقعي لكنه يحتاج مجهودا لاستكماله وتنظيمه وأريد عرضه على بعض العلماء لأن من أناقشهم عندهم جمود وتعودوا على التلقي عن علماء
    وفي الحديث: الجمهور على أن أحاديث الآحاد ظنية الثبوت ويجب ردها إذا خالفت ثوابت العقل والشرع ولكن ابن الصلاح وأحمد شاكر هما الذين قالوا إنها قطعية الثبوت فأفسدت كثيرا من المفاهيم
    وفي الفقه وجدت أن الحق الذي كان عليه الأئمة الأربعة هو احترام مكانة النقل والعقل، فلم يكن أبو حنيفة المنسوب لمدرسة العقل ينكر مكانة النقل ولم يكن الإمام أحمد المنسوب لمدرسة النقل ينكر مكانة العقل، لذا أجمع الأئمة على عدم العمل بأحاديث إرضاع الكبير لمخالفتها ثوابت العقل والنقل ثم وجدنا بعدهم مدرسة النقل ومدرسة العقل فحدث تشتت. موقعي هو: http://www.keyadaislameya.com

  2. سعاد

    موضوع جد مهم
    جزيت خيرا أستاذى العظيم

أرسل تعليق