Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

مدخل لدراسة المذهب المالكي.. (13)

السنة النبوية

فالسنة النبوية من حيث المتن: تنقسم إلى سنة قولية، وسنة فعلية فأما القولية فهي جميع الأحاديث التي قالها النبي صلى الله عليه وسلم، مثل قوله: “إنما الأعمال بالنيات“، وقوله: “الحلال بيِّن والحرام بيِّن“، وكقوله: “اتَّقِ اللَّهِ حَيْثُمَا كُنْتَ وَأَتْبِعْ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ“.أما السنة الفعلية: فهي مجموع الأفعال التي فعلها النبي صلى الله عليه وسلم، مثل أداء الصلوات الخمس، وأداء الصوم، وأداء شعائر الحج. وقد قسم العلماء أفعال النبي صلى الله عليه وسلم إلى ثلاثة أنواع وهي على الشكل التالي:

أولا: الأفعال الجبلية: وهي الأفعال التي تصدر عن النبي صلى الله عليه وسلم بحكم الطبيعة الإنسانية، كالمأكل والمشرب وطريقة مشيه وقيامه وجلوسه ونومه، أو معاملاته التجارية أو كل ما يهم الشؤون الدنيوية مما لا يعتبر تشريعا، ولا نزل بخصوصه وحي.

ويمثل له الأصوليون بواقعة غزوة بدر لما أراد النبي صلى الله عليه وسلم النزول بالجنود في مكان معين، وقال له الحباب بن المنذر: “يا رسول الله أرأيت هذا المنزل، أمنزلا أنزلكه الله ليس لنا أن نتقدمه ولا نتأخر عنه، أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟ قال: بل هو الرأي والحرب والمكيدة. قال: يا رسول الله، فإن هذا ليس بمنزل، فامض بالناس حتى نأتي أدنى ماء من القوم فننزله ثم نغور ما وراءه من القلب، ثم نبني عليه حوضا فنملؤه ماء، ثم نقاتل القوم فنشرب ولا يشربون. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لقد أشرت بالرأي”[1].

فهذا يدل على أن الصحابة يميزون بين أفعال النبي صلى الله عليه وسلم، وإلا فلا معنى لسؤالهم عن فعله هل هو من الوحي أو هو من التدبير المعتمد على العقل والتجربة.

حكم هذه الأفعال: لا يجب التأسي والاقتداء به، لكن إذا قام الدليل على ندبها أو سنيتها كالأكل باليمين.

ثانيا: الأفعال الخاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم: وهي مجموعة الأفعال التي تبثث أنها خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم لا يُشاركه فيها أحد، وذلك كالوصال في الصيام، واختصاصه بوجوب صلاة الضحى والتهجد بالليل في حقه، والتزوج بأكثر من أربع نسوة.

حكم هذه الأفعال: لا يجب التأسي والاقتداء به في هذه الأفعال.

ثالثا: الأفعال التشريعية: وهي الأفعال التي ليست بأفعال جبلية ولا خاصة به صلى الله عليه وسلم.

حكم هذه الأفعال: المكلف مطالب بالتأسي والاقتداء بهذه الأفعال حسب درجتها في الطلب فإن دلت على الوجوب صار الاقتداء به واجبا، وإن كان ندبا صار الاقتداء به مندوبا، وإن كانت مباحة، صار الاقتداء به مباحا.

  • السنة التقريرية: هي ما أقره النبي صلى الله عليه وسلم صراحة أو ضمنا، مثل سكوته عن الإنكار لفعل تم أمامه، أو حدث في عصره وعلم به، أو ظهر منه ما يدل على استحسانه وقبوله، مثل إقراره للصحابيين اللذين سافرا ولم يجدا ماء فتيمما وصليا، ثُمَّ وَجَدَا الْمَاءَ فِي الْوَقْتِ فَأَعَادَ أَحَدُهُمَا الصَّلَاةَ وَالْوُضُوءَ وَلَمْ يُعِدْ الْآخَرُ ثُمَّ أَتَيَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَا ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ لِلَّذِي لَمْ يُعِدْ: “أَصَبْتَ السُّنَّةَ وَأَجْزَأَتْكَ صَلَاتُكَ” وَقَالَ لِلَّذِي تَوَضَّأَ وَأَعَادَ: “لَكَ الْأَجْرُ مَرَّتَيْنِ[2].

ومثل إقراره لمعاذ بن جبل في كيفية القضاء، حيث قال له النبي صلى الله عليه وسلم: “كَيْفَ تَقْضِي فَقَالَ أَقْضِي بِمَا فِي كِتَابِ اللَّهِ قَالَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي كِتَابِ اللَّهِ قَالَ فَبِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال؛َ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَجْتَهِدُ رَأْيِي قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَفَّقَ رَسُولَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ[3].

يتبع في العدد المقبل..

————————————————

1. السيرة النبوية لابن كثير، 254.

2. سنن أبي داود، تحقيق، شعيب الرنؤوط، ومحمد كامل قره بللي، دار الرسالة العالمية، ط1، 1430هـ/2009م، -كِتَاب الطَّهَارَةِ- باب: المتيمم يجد الماء بعدما يصلي في الوقت، رقم الحديث: 338، 1/253-254.

3. سنن الترمذي، تحقيق، مصطفى محمد حسين الذهبي، دار الحديث القاهرة، سنة الطبع: 1426هـ/2005م، كتاب: الأحكام، باب: ما جاء في القاضي كيف يقضي، رقم الحديث: 1327، 3/397.

أرسل تعليق