Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

٪ تعليقات

قطوف علمية من الحقبة الموحدية

ذكرنا في العدد السابق أن الموحدين كان لهم قصب السبق في ابتكار التعليم الإجباري المجاني لكل فرد على حدة، وبلغات عدة حتى يتمكن الجميع من القراءة والكتابة، وتذكر المصادر والمراجع أن من مناقب الخليفة عبد المؤمن بن علي الموحدي التي تسجل لصالحه، كونه جعل التعليم الابتدائي إجباريا مفروضا على كل مكلف ذكر أو أنثى، وقد دفعه إلى هذا إصراره على أن يلم ويطلع كل شرائح المجتمع على العقيدة التومرتية (نسبة إلى ابن تومرت) ومبادئها، وهو نوع من مناهج التعليم المبتكرة لدى الموحدين، ويقوم على أنه يجب على كل من انضوى تحت راية الموحدين أن يتعلم الضروري من العقائد وما يتعلق بالصلاة، كما رخص لمن يفهم اللسان البربري دون العربي أن يقرأ بلسانهم عقيدة ابن تومرت البربرية: التوحيد؛ ومن خلال قراءة متفحصة لأسلوب ومناهج التعليم لدى الموحدين، يتضح تأثرهم الواضح البارز للعيان بمنهجية الإمام أبي حامد الغزالي شيخ ابن تومرت في كثير من أنظمتهم التعليمية، حيث قلدوه مثلا في إدماج “الرياضيات” في مناهج التعليم، وهذا أمر أهملته الدول الأوروبية آنذاك، ولم تحرص عليه كما حرص عليه الموحدون، كما تأثروا بالإمام الغزالي في الجمع بين الأدب والعطاء، وفي مراعاة التدريج في ترقية التلاميذ من رتبة إلى رتبة، ومن تم كان أسلوب التدريس عندهم يقوم على التدريج بالمتعلمين في مدارج التعليم وعرف رقيا ملحوظا.

•    تعليم المرأة عند الموحدين

كان للمرأة المغربية نصيبا وافرا من التعليم وحضورا متميزا عبر العصور، ومشاركة فعالة ومثمرة في جميع الميادين، حيث كانت عنصرا حاضرا وفعالا في تقدم البلاد وازدهارها، وتحريك النوى ذات اليمين وذات الشمال مع أخيها الرجل، ولقد سجل لها التاريخ مشاركاتها العديدة في الحياة السياسية والاجتماعية والعلمية منذ العصور الأولى، وما تأسيسها لجامعة القرويين العتيدة سنة (245هـ) على يد أم البنين فاطمة الفهرية إلا برهانا واضحا على مشاركتها الفعالة المتميزة في بناء أسس المجتمع المغربي، ولقد نالت المرأة المغربية حظها من التعليم والتنوير مثلها مثل أخيها الرجل حيث تعلمت وعلَّمت، وحضرت مجالس العلم المختلفة وشاركت فيها بالكلمة والقلم، وتركت بصماتها العلمية التي ما زال التاريخ يذكرها لها إجلالا وافتخارا.

وللإشارة فقد اهتم المرابطون أيضا بالمرأة واعتبروها عنصرا أساسيا في بناء وتسيير شؤون الدولة المرابطية، وكان رأيها يعتد به في تسييس أمور الدولة سواء في المغرب أو الأندلس حيث تذكر المصادر أن يوسف بن تاشفين كان يأخذ برأي زوجته “زينب بنت إسحاق النفزاوية الهوارية” التي عرفت بحكمتها وذكائها الخارق، فبنى لها مدينة مراكش تقديرا لذكائها وحنكتها وحُسن تدبيرها، ونفس الشيء بالنسبة “لقمر” زوجة علي بن يوسف التي كانت تدبر سياسة الدولة معه في حِنكة ورُؤية ثاقبة للأمور؛ كما ظهرت نساء في العهد المرابطي اشتهرن بالشجاعة والإقدام أمثال السيدة “فانو” بنت الوزير عمر بن بنتيان اللَّمتونية التي قاتلت الموحدين أيما قتال بالسيف، وحالت دون استسلام الأمير إسحاق بن علي للموحدين حتى لا يدخلوا مدينة مراكش، ولم تستسلم إلا بعد تسليم مفاتيح مدينة مراكش واقتحام قصرها وقتلها سنة 545هـ، مما يؤكد الحضور الفعلي للمرأة على الساحة؛ أما بالنسبة لمشاركتها في ضروب النشاط الفكري بإطلاق علمي وأدبي على عهد المرابطين، فعلى سبيل المثال لا الحصر تذكر المصادر والمراجع التاريخية من العائلة المالكة السيدة “حواء بنت تاشفين بن علي”، و”تميمة بنت يوسف بن تاشفين” المكنَّاة بأم طلحة في العلم والأدب[1] ، وهي من الأديبات المشهورات بالأدب والكرم، ولقد ضاعت أشعارها كما تذكر بعض المصادر المعتمدة، فهاته النسوة يعتبرن رموزا شامخة تظهر وضعية المرأة في العهد المرابطي الذي رغم قصر عمره الفتي أعطى للمرأة المغربية والأندلسية حقها في المشاركة في الحياة العلمية والسياسية والاجتماعية، وما كتاب “طوق الحمامة في الألفة والآلاف” لابن حزم الأندلسي، إلا دليلا حيا على مكانة المرأة في القرن الخامس والسادس الهجريين.

لم يشذ عصر الموحدين عن سالفه في فتح المجال للمرأة للنهل من منابيع العلم والاغتراف من معاهده ومؤسساته على اختلاف أنواعها، فكان لجعل التعليم الابتدائي إجباريا على كل ذكر وأنثى سببا مباشرا في تبحر النساء في العلم، واقتحامهن لميادين المعرفة العالية، وجلوسهن في حلقات العلم التي كانت تعج بها الدولة الموحدية آنذاك ومشاركتهن الفعالة فيها.

ولم يقف الموحدون عند حد تعليم المرأة وتثقيفها وجلوسها في البيت بل فتحوا لها الباب على مصراعيه من أجل العطاء والمساهمة في خدمة المجتمع، فوظفوها كمُعلمة ومُدرسة بقصر الخلافة أو في المعاهد التعليمية، فضربوا بذلك نموذجا مشرفا يجب أن يحتدى به في المجتمعات المختلفة من أجل تطوير الحياة العامة، ومشاركة كل عنصر فعال فيها، وفي هذا الصدد يذكر شيخنا البحاثة المتميز المرحوم سيدي محمد بن عبد الهادي المنوني أنهم: “..لم يقفوا بالمرأة عند هذا الحد من التثقيف بل وسعوا نطاق تعليمها، وضربوا ببناتهم مثالا لما ينبغي أن تكون عليه المرأة المغربية، ومن بنات الخلفاء المثقفات التي حافظ عليها التاريخ زينب بنت يوسف بن عبد المومن.. كانت عالمة صائبة الرأي، فاضلة معروفة بالشفوف على نساء زمانها، وترجمتها في التكملة وزوائدها..”[2] ، فكانت بهذا تمثل المرأة الموحدية النموذج فكرا وسيرة ومذهبا.

وبالإضافة إلى الحرص على تعليم المرأة وتثقيفها استمعوا إلى مشاركتها العلمية والأدبية، واستفادوا من تربيتها للأجيال، كاستفادتهم من الأديبة الشاعرة المربية “حفصة بنت الحاج الركونية الغرناطية”، التي كانت أستاذة شاعرة ظهرت في عهد عبد المؤمن بن علي، واشتغلت أستاذة لنساء المنصور الموحدي بداره بمراكش، توفيت بمراكش سنة (586هـ)، ولا أحد ينكر اهتمام عبد المؤمن الموحدي بالأدب وإكرام أهله نساء ورجالا، حيث كان يجلس إلى الشعراء ويستمع إليهم، وما أكثرهم في عصره من أندلسيين ومغاربة وأفارقة، مما يدل على نشاط الحركة الأدبية في ذلك العصر، فأُخصبت الأفكار وتَفتحت العقول المختلفة[3] .

ولعل في اهتمام الموحدين بالمرأة وفتحهم المجال لها في تسيير شؤون الحياة بحكم أنها نصف المجتمع ينطلق من اقتناعهم التام بما كفلته لها الشريعة الغراء من حقوق، مثلها مثل شقيقها الرجل، وفقا للحديث النبوي الشريف الذي رواه الإمام أحمد وأبو داود عن سيدتنا عائشة رضي الله عنها “إنما النساء شقائق الرجال”، وتشبُّعهم بأقدم رأي فكري في تقييم عقل المرأة وطبيعتها وهو رأي الفيلسوف الأندلسي المغربي ابن رشد الحفيد (ت595هـ)، الذي ذكر في تعليقه على “جمهورية أفلاطون” بأنه لا يوجد اختلاف بين النساء والرجال في الطَّبع، وإنما هو اختلاف في الحكم، أي أن طبيعة النساء تشبه طبيعة الرجال، ومن تم للمرأة حق الولوج والمشاركة في مختلف مناحي الحياة الاجتماعية والعلمية والسياسية.

وأستشهد هنا –في عجالة- ببراعة النساء الطبيبات والممرضات اللواتي كن ينتمين لعائلة ابن زهر المختصة في الطب، وتنتسب إلى الطبيب ابن زهر الأندلسي طبيب البلاط الموحدي، كأخته التي كانت لها مكانة مرموقة في ميدان التمريض، وكانت من ممرضات القصر الموحدي حيث امتازت بمعرفتها لصناعتها ومهارتها في الطب النظري والتطبيقي، وابنة الطبيب محمد بن زهر المعروف بالحفيد (ت590هـ) التي كانت لها سمعة مرموقة في علاجها للمرضى وخاصة النساء منهم حيث أصبحت من أشهر الأطباء في عصرها، كانت مُولِّدة ماهرة إلى جانب قدرتها على العلاج العام لسائر أمراض النساء، كما خلفتها ابنتها التي امتهنت الطب وذاع صيتها بالولادة وعلاج بعض أمراض النساء المستعصية[4] .

أما بالنسبة للعلوم الشرعية فاشتهرت من النساء اللواتي كن بارعات في علم الفقه السيدة “مَحلَّة المراكشية” التي كانت من حُفاظ مدونة الإمام مالك رحمه الله، وفي علم الحديث والرواية الشيخة “أم المجد مريم” بنت أبي الحسن الشاري (579-649هـ) صاحب مدرسة “الغرباء” بمدينة سبتة السليبة، والذي حبس عليها أول مكتبة من نوعها بالمغرب، كما اشتهرت السيدة “أم العز العبدرية” التي كانت تدرِّس “صحيح البخاري”[5].

ومن النساء العالمات بعلم التصوف والعقائد إبان الحقبة الموحدية العالمة المتصوفة الذائعة الصيت السيدة “خَيرُونَة” الفاسية الأصل التي أخذت التصوف على يد الإمام عثمان السلالجي، والذي يقال أنه ألف “عقيدته البرهانية” من أجلها، ومما لا شك فيه أن لها يد بيضاء في نشر التوحيد على مذهب الأشاعرة بين نساء أهل فاس أسوة بأستاذها السالف الذكر.

هذه بعض النماذج من النساء العالمات المتميزات اللواتي تعلَّمن وعلَّمن، وكان لهن حضورا فعالا، اقتطفتها –في عجالة- من بساتين الحضارة المغربية الأندلسية التي ساهمن في ازدهارها ورقييها، وتثبيت أقدامها بمنطقة الغرب الإسلامي خلال هذه العصور الذهبية التي تعتبر شامة بارزة، وغُرَّة بيضاء في تاريخنا التليد، ولمن أراد الوقوف على ما قدمته المرأة المغربية الأندلسية في الميادين العلمية الرجوع إلى الزخم الهائل من المصادر والمراجع التي اهتمت بهذا الموضوع عبر العصور[6]؛ هدفنا في اقتطاف هذه المقتطفات العلمية هو التذكير بتاريخنا وحضارتنا وعالماتنا وعلمائنا، وما قدموه من تضحيات في سبيل بلادنا الأبية ولنا عبرة في ذلك جميعا..

والله من وراء القصد ويهدي السبيل..

————-

1. انظر:إبراهيم حركات، المغرب عبر التاريخ، 1/360، ط:1، دار الرشاد الحديثة، الدار البيضاء: 1984م.

2. سيدي محمد المنوني.العلوم والآداب والفنون على عهد الموحدين، ص:33، ط:2، مطبوعات دار المغرب للتأليف والترجمة، الرباط: 1977م.

3. للمزيد انظر: سيدي عبد الله كنون، النبوغ المغربي، 1/111-112، ط:2، دار الكتاب اللبناني.بيروت:1961م.

4. انظر: علي عبد الله الدفاع، أعلام العرب والمسلمين في الطب، ص:183، ط:3. مؤسسة الرسالة، بيروت: 1986م. وللمزيد انظر: ابن أبي أصيبعة، عيون الأنباء في طبقات الأطباء، وانظر: أحمد شوكت الشطي، تاريخ الطب وآدابه وأعلامه.

5.انظر: عبد الله علام، الدولة الموحدية بالمغرب في عهد عبد المؤمن بن علي، ص:244 ،ط: 1.دار المعارف، مصر:1971م.

6.انظر على سبيل المثال لا الحصر: “التكملة” لابن الأبار البلنسي. “الذيل والتكملة” لعبد الملك المراكشي.”نفح الطيب” للمقري.”شهيرات نساء المغرب” للكانوني. وانظر: البحث القيم للبحاثة المتميز سيدي عبد العزيز بن عبد الله حول: “المرأة المراكشية في الحقل الفكري” المنشور بصحيفة المعهد المصري للدراسات الإسلامية بمدريد، المجلد:6، 1958م.

التعليقات

  1. سليمان جركو

    شكرنا الخاص لفضيلة الدكتورة علية الأندلسي على قطوفها العلمية القيمة، وعلى نفضها الغبار عن هذه الكنوز التاريخية المشرفة للمغرب،
    أنا من أبناء العالمة المبجلة حواء بن تاشفين بن علي، ولديها مقامات صوفية بالرشيدية ومراكش ومكناس…

    نحن قي حاجة ماسة الى مساعدةك في ما يخص المصادر التاريخية؛ لأن الأرث الشفوي هو الطاغي لدينا نحن المنحدرون منها…….
    زوجها هو الولي الصالح سيدي اسيدي بتارودانت، وهو أندلسي توفي إثر حصار الموحدين للمدينة، ثم هاجرت هي لتلتحق ببقايا الجيش المرابطي في أعلى تافيلالت بعد وفاة أبيها تاشقين بوهران….

  2. الباحثة فنَّة شقُور /كلية الحقوق: طنجة

    السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

    أستاذتي الفاضلة أفتخر كثيرا أنا ومجموعة من الباحثين المهتمين بأنشطتك الهادفة التنويرية المتنوعة، التي تقومين بها مع مختلف الفاعلين الذين يسعون لخدمة هذا الوطن وأبنائه البررة، علمت أن لك مشاركات علمية مع جريدة "الميثاق" الإلكترونية، فقررت الاطلاع على هذه المساهمات العلمية، التي تذكيرنا بها بتاريخنا وحضارتنا التي يعتقد البعض أنها حضارة قد ولت ولم يعد يكثرت بها، أنا أقول -بعد إذن أستاذتي الفاضلة الدكتورة الأندلسي، ونيابة عن مجموعة لا بأس بها من الطلبة الباحثين- أن بصماتك ما زالت وستزال معلقة على جبيننا نحن الشباب، الذي تحرصين دائما أن لا نكون لقمة سائغة بين يدي سلبيات العولمة، وأن نكون فاعلين يدافعون عن هذا الدين وعن الوطن وثوابته وحضارته، ومقالاتك الموثقة -بالإضافة إلى أنشطتك المتنوعة- تحصننا وتجعل قلوبنا وعقولنا معلقة بهذه الحضارة المغربية، التي نسأل الله أن نبني حاضرها المشرق ونمد الجسور معها؛ فزادك الله فضلا وعلما وعطاء أيتها الفاضلة، ونتمنى لك المزيد من العطاء والاستمرارية مع هذه الجريدة المتميزة، التي كانت نواتها الأولى منبثقة من شمال المغرب؛
    ورحم الله العلامة عبد الله كنون؛
    وزكى في عمر السيد الأمين العام للرابطة المحمدية الدكتور أحمد عبادي المحترم؛
    وشكرنا موصول للأستاذة عزيزة بزامي على جهودها المتميزة.

  3. الباحث المرابطي أحمد:مدينة العلم والعلماء فاس

    حياكم الله أجمعين أيها الفضلاء..
    حرصت أن أتواصل معكم وأنخرط في كوكبة عشاق الحضارة المغربية الأندلسية والمنافحين عنها، ومن بينهم صاحبة هذه المقالات الرائعة التي تستحق القراءة والتتبع الدكتورة الأندلسي،
    لا أخفيكم فأنا من متتبعي هذه الجريدة الإلكترونية العلمية منذ صدور أعدادها الأولى، ومن بين المقالات التي أحرص على تتبعها مقالات هذه الدكتورة الفاضلة التي يبدو من خلالها أنها عاشقة للحضارة المغربية الأندلسية، محبة لوطنها تعمل ما في وسعها من أجل رفع راية المغرب عاليا عن طريق أخذ العبر والدروس من تاريخه المشرف، الذي لو أحييناه في وجداننا ووجدان أبنائنا لاستطعنا أن نبني حضارة جديدة، وتنمية شاملة..
    فبارك الله في جهودك أيتها الباحثة المتميزة المخلصة لدينها، ووطنها، وواجبها نحو هذه الجريدة التي تشرف حقا،
    وألتمس منك المزيد لأنني أنا أيضا من عشاق هذه الحضارة التي تسري في عروقنا، وجزى الله خيرا الرابطة المحمدية للعلماء، وأمينها العام المخلص المجتهد الدكتور أحمد عبادي، وكل من يساهم معه في هذا العمل التنويري المتميز؛
    ولا يفوتني أن أشكر الإخوة القراء الكرام المعلقين على مقالات الدكتورة الأندلسي، وأتمنى أن يفتح المجال لها، وتهيء الظروف من أجل الرد عليهم وتبادل الأفكار، فالعلم أخذ وعطاء، والله الميسر والموفق.

  4. علي الباز

    السلام عليكم
    أستاذة علية
    نشكرك على إمتاعنا بهذه القطوف من تاريخ المغرب والأندلس، نتمنى من العلي القدير أن يوفقك لما يحب ويرضى، وأن يستمر عطاؤك، ولي رجاء وهو أن تتفاعلي مع قرائك من خلال الرد عن تعليقاتهم.
    وشكرا جزيلا مرة أخرى.

  5. باحثين من سبتة السليبة:Organisacion Maleke

    السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

    بداية شكرنا الخاص لفضيلة الدكتورة علية الأندلسي على قطوفها العلمية القيمة، وعلى نفضها الغبار عن هذه الكنوز التاريخية المشرفة للمغرب، وحضارته المشرقة التي بوئته احتلال المراتب الأولى بمنطقة البحر الأبيض المتوسط،…
    وندعو لها بالصحة والمزيد من العطاء، وتعريف فلذات الأكباد بهذه الحضارة العريقة، وزرع روح المواطنة فيهم -كما عهدناها- ومن تم تحصينهم ضد الغزو الجارف الذي ينهال عليهم بدون استئذان عبر الوسائل السلبية للعولمة، كما نشكر نيابة عن الدكتورة الأندلسي-وبعد إذنها- الأستاذ أحمد ديدي عضو المجلس الأكاديمي للرابطة المحمدية لعلماء المغرب على تعليقه القيم على مقالها، والداعم لجهود الدكتورة الفاضلة من أجل رفع اللثام عن تاريخ المغرب في مختلف المحافل العلمية، ونتفق معه بكوننا بالعلم وبالتخطيط السليم سننتصرعلى التحديات المعاصرة، ونضيف إلى هذا الكلام الجميل، أنه بالتذكير بحضارتنا العريقة وتاريخنا التليد، وغرسه في عقول ووجدان أبنائنا منذ نعومة أظفارهم، ومد الجسور بينهم وبين هذه الحضارة سنتمكن من حمل الشعلة من جديد؛
    فالشكر الجزيل لكل من ينشر هذا الخير ويساهم في تبليغ الفكرة النيرة الهادفة، التي تنير العقول والقلوب في زمن العولمة الرهيب، ونخص بالذكر السيد أمين عام الرابطة المحمدية للعلماء المحترم الدكتور أحمد عبادي، والسيدة رئيسة التحرير وفريقها المتميز، وكل من له غيرة على هذا الوطن الأمين.
    والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

  6. أحمد ديدي عضو المجلس الاكاديمي للرابطة

    إن من واجب المسلمين اليوم، أن يحسنوا معرفة أوضاعهم، مع امتلاك القدرة على التعامل مع تراثهم الذي ينتظر منهم: أن ينتقلوا به من وضعه الآسن الراكد إلى حركة متأججة تزرع في دمائهم حياة متجددة اقتداءا بأسلافهم الذين ملكوا ناصية العلم الشرعي الديني والدنيوي المادي على حد سواء، ليوائموا بين ما عندهم والصورة العالمية من حولهم، في عالم أضحى كل شيء فيه خاضعا للدراسة والبحث والتحليل والاختصاص، حتى يعرفوا أين يضعون أقدامهم لينتقلوا من مرحلة الجمود والتحجر إلى فضاء أرحب من الفعل المدروس الفاعل والمؤثر والمتحرك.
    وهذا لا يتأتى إلا بالالتزام والمنهج والتصور السليم لماضيهم العريق، كما هو الشأن بالنسبة لرجالات ونساء دولة الموحدين، التي كان لها الباع الطويل في غاية من الأهمية والشموخ، لازمت مسيرتها العصامية العملاقة لبناء الإنسان في شمال إفريقيا وبلاد الأندلس وكانت معلمة من المعالم الحضارية، في التفكير الإسلامي والثقافة الإسلامية في مجتمع علمي مفتوح يتألق بالحقيقة والاستقامة والإبداع والابتكار.
    ومما زادني تيها وإعجابا بهؤلاء العظام موضوع الأستاذة الفاضلة صاحبة القلم السيال السيدة الدكتورة علية الأندلسي، التي حلقت بقرائها في أجواء علمية (قطوف علمية من الحقبة الموحدية) الذي ينم عن نظرة شمولية لما ينبغي أن يكون عليه عصرنا الحاضر في دار الإسلام، من تطوير وسائل العلم لحياة أفضل، لأجيال الأمة، وصياغة تتلاءم مع أساس الحضارة الإنسانية الزاحفة.
    وإن دورنا اليوم يجب أن يتمثل في العمل الجاد لإخراج كنوز الموحدين وغيرهم من بناة الحضارة في هذه الربوع المباركة، من مغربنا العزيز، لإعادة بناء المسلم بمناهج تربوية وعلمية مستمدة من أسس الإسلام، وبعد ذلك نحن في حل أن ننفتح على الحضارات الأخرى.
    ذلك لأن الفترة من القرن الخامس إلى القرن الثامن الهجري كانت بمثابة فترة تأسيس المناهج العلمية التجريبية الراقية، في الإطار العام للحياة، ولا أبالغ إذا قلت أن توطين العلم ينقذ الأمة من الضياع والبلبلة والتيه الفكري، ويحفظ عليها ذاتيتها مما يسمح للإنسان أن يتأمل ويستطيع تطويع تراثه إلى نهضة علمية وتقنية شاملة، وحتى نطوي مسافة التخلف الحضاري بيننا وبين من سبقونا في ميادين الذرة والفضاء والطاقة وغيرها.
    وإن العون الأعلى يظفر به العالمون العاملون وصدق الله العظيم إذ يقول: {ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون} [سورة الأنبياء، الآية: 105].
    وبالعلم ننتصر بحول الله على التحديات المعاصرة، وبالتخطيط السليم سنجد مكانا لائقا بنا تحت الشمس، لحمل شعلة الحضارة والمدنية مرة ثانية نتقدم بها الأمم والشعوب لننير أمامها الدروب: {ويومئذ يفرح المومنون بنصر الله} الروم الآية 4.
    وعلى الله قصد السبيل وهو المستعان

أرسل تعليق