ظاهرة انتقاص الأرض في القرآن الكريم
قال الله تبارك وتعالى في محكم كتابه العزيز: “بل متعنا هؤلاء وءَاباءَهم حتى طال عليهم العمر أفلا يرون أنا ناتي الاَرض ننقصها من اَطرافها أفهم الغالبون” [الاَنبياء، 44]، وقال عز وجل في آية أخرى: “أولم يروا أنا ناتي الاَرض ننقصها من اَطرافها والله يحكم لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب” [الرعد، 42] تشير هاتان الآيتان إلى حقائق علمية معجزة لم يدرك الإنسان شيئا من كنهها إلا منذ بضعة عقود حينما عرفت البشرية تطورا تكنولوجيا متقدما بحيث تمكن العلماء من دراسة انتقاص الأرض عبر الزمن. فماذا يقول الخبراء في هذا المجال؟
أظهرت الدراسات العلمية في ميدان علم الجيولوجيا أن الأرض تتعرض باستمرار للاِنتقاص، وهذا التحول يطرأ على حجم الكوكب من جهة، كما يمس مساحة وشكل الأرض اليابسة التي تشمل القارات والجزر من جهة أخرى.
أ. انتقاص حجم الكرة الأرضية
أكد الخبراء أن حجم الأرض في بداية تكوينها كان أكبر مما هي عليه الآن، وقد قدر بمائتي ضعف حجمها الحالي؛ فبعد الانفجار الكبير الذي أدى إلى ظهور أجرام الكون عرف سطح الكوكب عملية التبريد فتكونت القشرة الأرضية ثم بدأت الأرض تتعرض للانكماش على ذاتها باستمرار؛ وتحدث هذه الظاهرة بخروج كميات هائلة من المادة الباطنية المنصهرة والغازات الساخنة والطاقة إلى السطح على شكل براكين تحت ضغط الحرارة العالية، كما أن أهم الطبقات الداخلية للأرض هي طبقة الحديد المنصهر التي تُغشي مركز الأرض الصلب، ويفترض العلماء أن تفاوت درجات الحرارة في طبقات الحديد السائل هو الذي يؤدي إلى تكون تيارات حمل ذات اتجاه رأسي قد يترتب عنها فوران البراكين، أو حدوث تصدعات وزلازل، ولهذه الظاهرة أهمية كبيرة لحفظ توازن كوكبنا الأزرق.
2. انتقاص اليابسة
يؤدي حدوث الزلازل إلى انخساف في بعض الشواطئ إلى أعماق البحر فيرتفع مستوى البحر الذي يغطي أطراف اليابسة فتنقص مساحتها. أما على مستوى التضاريس فقد أصبح معروفا الآن أن الجبال والمرتفعات تتعرض باستمرار لظاهرة الحث كما تتعرض مساحات شاسعة لظاهرة التعرية من جراء هبوب الرياح ونزول الأمطار، وتحمل الأنهار سنويا ملايين الأطنان من التربة والمواد الصخرية وتنقلها إلى المحيطات مما ينقص من حجم اليابسة.
لقد خلق الله عز وجل الأرض والسماوات وجعلها مسخرة لحياة البشر، إذ جعل الله تبارك وتعالى الأرض مهادا وقرارا وفراشا.. وجعل السماء سقفا محفوظا، وجعل الشمس سراجا منيرا.. فالكون يتميز بكل المقومات التي تكفل توازنه واستقراره، فكل شيء خلقه الله عز وجل موزون.
بفضل التطور التكنولوجي أدرك الإنسان مجموعة من الحقائق العلمية المعجزة تبين عظمة الخالق في الصنع والإبداع، كما أن مثل هذه الحقائق الكونية الدقيقة لا يتم التوصل إليها إلا بالدراسات العلمية المتطورة التي تحتاج لوسائل تقنية جد متطورة..
المراجع:
1. نادية طيارة، موسوعة الإعجاز العلمي القرآني في العلوم والطب والفلك، اليمامة 2007م.
2. ماهر أحمد الصوفي، الموسوعة العلمية الكبرى- آيات الله في خلق الأرض وتأمين معايشها، المكتبة العصرية صيدا-بيروت 2008م.
أرسل تعليق