سجلماسة المدينة العامرة المردومة.. (29)
وحسب الرواية الشفوية فقد عرفت سجلماسة تدهورا مستمرا بفعل حصارها من طرف أبي الحسن الملقب بالسلطان الأكحل الذي قام بتغوير عين تمدرين الواقعة على بعد ثلاثين كيلومترا شمال المدينة، والتي كانت تزودها بما تحتاجه من المياه الوافرة لسقي الحقول الزراعية، مما أدى إلى ضعف الإنتاج الفلاحي، وخاصة الحبوب والخضر، وفي رواية أخرى أن أبا الحسن أصدر أوامره إلى جنوده بنهب المدينة، وبترهيب سكانها وقام بفرض ضرائب غير شرعية على التجارة والمنتجات، وحتى على الحقول غير المحروثة، وفي المقابل أعفاهم من ضريبة الجمون. وهي “ضريبة كان سكان سجلماسة وسائر بلاد القبلة يؤدونها للمخزن المريني على النخل والزرع ويجتمع من جبايتها أحمال من الذهب. أسقطها عنهم أبو الحسن المريني واقتصروا بعدها على الزكاة والعشر كباقي أهل البوادي ببلاد المغرب“[1].
خلاصة
اعتبارا لموقعها المتميز على مفترق مسالك تجارة القوافل تحكمت سجلماسة في تجارة الذهب والعبيد، كما اشتهرت بغناها إلى مناجم الفضة والنحاس وهيمنتها على المناجم المجاورة، وكانت أيضا نشيطة في سك العملة وعرفت خلال عصر تبعيتها للحكم المركزي وضعين سياسيين واقتصاديين مختلفين:
- الأول يرجع إلى فترة حكم الدول الكبرى الثلاثة المرابطية، والموحدية والمرينية، والتي حاولت بسط هيمنتها على المدينة من أجل التحكم في مواردها. هذه الموارد كانت بمثابة الركيزة المادية الأساسية لحكام مراكش أو فاس في توفير الأمن، وفي تقوية السياسة العسكرية والاقتصادية وفي توسيع أو ضمان استمرار نفوذهم على كل الغرب الإسلامي؛
- الوضع الثاني يهم الأحداث المحلية، ذلك أن حكام المدينة وبدعم من بعض القبائل كانوا يتمردون باستمرار ضد الحكم المركزي للحصول على حقهم من خيرات المدينة أو للانفراد بها كلية. وبفعل هذه الطموحات شهدت سجلماسة سلسلة من التمردات والفوضى كان من نتائجها في آخر المطاف اندثار المدينة مع نهاية (القرن الثامن الهجري / الرابع عشر الميلادي..).
———————————————
1. حافظي علوي حسن، “الجمون” معلمة المغرب. المجلد التاسع، ص: 3094.
أرسل تعليق