تحسين أخلاق الأطفال

ومن بين أهم الأخلاق وآكدها التي يجب مراعاتها في تربية الأطفال وتنشئتهم تنشئة صالحة مبنية على المنهج الإسلامي التربوي الحكيم محاولة تجنيب الصبي إذا عقل اللهو والباطل والغناء وسماع الكلام الفاحش ومعاشرة رفقاء السوء لأنه وكما قيل “من شب على شيء شاب عليه” فإذا علقت هذه المعاصي بسمعه وترسخت في عقله يصعب عليه مفارقتها في الكبر واستشكل على أبويه صرفه عن هذا الطريق المظلم وبذلك تتغير العوائد من أصعب الأمور يحتاج صاحبه إلى استجداد طبيعة ثانية والخروج عن حكم الطبيعة عسير جدا..

وينبغي لأبويه كذلك أن يجنبوه الأخذ من غيره غاية التجنب؛ فإنه متى اعتاد الأخذ صار له طبيعة ونشأ بأن يأخذ لا بأن يعطي، ويعوده البدل والإعطاء والجود والكرم، وإذا أراد الولي أن يعطي له شيء أعطاه على يده ليتذوق حلاوة الإعطاء، ويجنبه الكذب، والخيانة فأعظم مما يجنبه السم الناقع؛ فإنه متى سهل له سبيل الكذب والخيانة أفسد عليه سعادة الدنيا والآخرة وحرمه كل خير.

ويجنبه الكسل والبطالة والدعة والراحة. بل يأخذه بأضدادها ولا يريحه إلا بما يجم نفسه وبدنه للشغل؛ فإن الكسل والبطالة عواقب سوء ومغبة ندم وللجد والتعب عواقب حميدة إما في الدنيا وإما في العقبى وإما فيهما فأروح الناس أتعب الناس فالسيد في الدنيا والسعادة في العقبى ولا يتوصل إليها إلا على جسر من التعب.

قال يحيى بن أبي كثير رحمه الله تعالى “لا ينال العلم براحة الجسم” ويعوده الانتباه آخر الليل فإنه وقت قسم الغنائم وتفريق الجوائز ومستكثر ومحروم، فمتى اعتاد ذلك صغيرا سهل عليه كبيرا، ويجنبه الفضول والكلام والمنام ومخالطة الأنام فإن الخسارة في هذه الفضلات وهي تفوت على العبد خير دنياه وآخرته..

وبالله نستعين

المرجع:

تحفة الودود بأحكام المولود للعلامة ابن القيم، ص: 209-210.