جوهر الإسلام
الإسلام دين الإنسانية.. دعوته تقوم على الارتقاء بالإنسان، وصيانة حقوقه، وحمايته، وحفظ كرامته.. وقد تجلت الحكمة الإلهية في أجلى صورها في الكون الواسع العريض بكل ما فيه من نظام دقيق، وعناية إلهية تأخذ بالعقول، والألباب؛ حين تعمل النظر، والتأمل، والتدبير، والتفكر، في عظيم صنع الله عز وجل. قال سبحانه: “تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور” [سورة الملك، الآيات: 1-2].
لقد خلق الله ما في الكون من عوالم لصالح الإنسان عقيدة، وعملا، وسلوكا. فسخر له هذا الخلق جميعا. قال عز من قائل: “ألم تر أن الله سخر لكم ما في الاَرض والفلك تجري في البحر بأمره ويمسك السماء ان تقع على الاَرض إلا بإذنه إن الله بالناس لرؤوف رحيم” [سورة الحج، الآية: 65].
إن هذا التسخير فيه إعلاء لقيمة الإنسان وقدره، وهو تسخير قصد به تحقيق البيئة الطبيعية المناسبة لحياة الإنسان، حتى يتمكن من أداء دوره، ورسالته الإنسانية، وإذا كانت الآية قد أشارت إلى تسخير الأرض إجمالا فقد وردت آيات القرآن تفصل ألوان النعم، وأصناف المسخرات للإنسان.
إن ذلك كله يأتي كأقوى دليل على حرص المشرع الحكيم، لتمكين الإنسان في الأرض، وتحقيق أكبر قدر من الرفاهية والرخاء، بشرط الأخذ بالأسباب والعمل الدائم والمستمر.
وهذا بالطبع يستدعي حتمية الأخذ بالتدابير، والخطط التي تحقق الغايات الإنسانية الشريفة، وصيانة حق الحياة الكريمة، ومن هذه التدابير: توفير الرعاية الصحية، والتعليمية من خلال برامج، لا تفريق بين ما للرجال والنساء، والشباب، والأطفال، من حقوق على الهيئة الاجتماعية.
وهذا كله يعبر عن جوهر الإسلام الصحيح، الذي عنى عناية فائقة بحقوق الإنسان، وعلى رأسها حق الحياة الكريمة.
جريدة ميثاق الرابطة، العدد 892، الخميس 16 شعبان 1420هـ الموافق 25 نونبر1999م السنة الثانية والثلاثون.
أرسل تعليق