جامعة القرويين جامعة لشمل المسلمين
إن اسم جامعة القرويين تنشرح له الصدور والأفئدة، وتطرب لسامعيه النفوس المؤمنة بالله، ذلك أن القرويين تعتبر أقدم جامعة إسلامية على الأرجح، وقد قامت بدور كبير في التوعية الإسلامية، قديما وحديثا، وساهمت مساهمة كبرى في تدعيم النهضة الإسلامية بإفريقيا، وإن علمائها الأبرار، وأساتذتها الأخيار، كانوا مضرب الأمثال في العلم الغزير، والإطلاع الكبير، والاضطلاع بمهمة العلماء على الوجه المطلوب، إن التحقيقات العلمية في المواد التي كانت تدرس بالقرويين، لا تكاد تجد لها مثيلا في غيرها من حيث التدقيق، الأمر جعلها تكتسي صبغة خاصة، وإن ما قاله بعض السلف الصالح في علمائها الأفذاذ لينطبق عليهم تمام الانطباق، وهذا القول: يتفجر العلم من صدور رجالها كما تتفجر المياه من حيطانها، وهو تشبيه لطيف وهذا أمر لا يتنازع فيه اثنان غير أن الأحوال تبدلت بالنسبة للكيفية والكم.
فبعد أن كانت الدروس تلقى في مسجد القرويين، في شكل حلق يؤمها الطلبة من كل فج عميق من المغرب وغيره، وكانت هذه الدروس غاية في الإتقان والإبداع والتفنن، وإن الزائر للقرويين يومئذ وهو يرى تلك الحلق ويستمع إلى بعض علمائها ليزداد حبا في العلم والعلماء، ما أجمل تلك الحلق التي كانت بهجة القرويين وزينتها، وما أعظم أولئك الرجال الذين كانوا يلقون الدروس بنفس عال وروح وثابة، وما أبهى منظر الطلبة وهم يتلقفون ما يلقى عليهم من درر وغرر، إما في أذهانهم أو في كراساتهم.
بعد ذلك أصبحت القرويين جامعة في شكل عصري، نحبذه ونقره ونطلب المزيد من الترقي، غير أننا نريد أن تعود حلق الدروس للقرويين كروافد للتعليم الإسلامي الخالد، على نحو ما أقره المؤتمر التأسيسي الذي انعقد بفاس بتاريخ: 12-09-69، حيث أصدر توصية من الأهمية بمكان وهي: “يوصي المؤتمر بإنشاء مدارس إعدادية وثانوية مختصة تكون روافد للتعليم الإسلامي العالي، ونحن نرفع عقيرتنا إلى كل من يعنيهم أمر القرويين أن يبادروا بتنفيذ مقررات مؤتمر الجامعات الإسلامية، وبالأخص التوصية السالفة التي تعتبر حجر الزاوية، ولنا أمل كبير ورجاء عظيم في صاحب الجلالة أن يهتم بهذا الأمر اهتماما يرفع من شأن القرويين في عهده الزاهر، وبذالك يسدى لأمته معروفا ويدفع عنها صروفا، وعلى الله قصد السبيل، وهو حسبنا ونعم الوكيل”.
ذ. محمد الفيزاري
جريدة الميثاق، العدد 106، الخميس 1 ذي الحجة عام 1389هـ الموافق 8 يناير سنة 1970م، السنة السابعة.
-
شكرا لكم على هذا العمل
-
جامعتي
التعليقات