ترغيب المسلم في حفظ القرآن الكريم.. (1)
- د. علال الصغيري
- باحث في أصول الفقه
إن المتأمل في سيرة عظيم من عظماء الإسلام يجد أن انطلاقة النور في حياته كانت من القرآن الكريم وحفظه، وهذا ما يجعلنا نزداد قناعة بأن أول خطوة في بناء الشخصية العلمية الإيمانية الصحيحة إنما تبدأ من القرآن الكريم، حفظاً وتلاوة وفهماً ووعياً، كيف لا وقد اصطفى الله حملة كتابه حفظا لكتابه من التحريف والتغيير “لَا يَاتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ” [فصلت،41].
فلقد هيأ الله من اصطفاه من عباده لحفظ كتابه من الصحابة – رضي الله عنهم – ثم من التابعين. وهكذا في كل زمن وفي كل مكان “ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ” [فاطر،32].
ألا فليهنأ حملة القرآن الكريم بهذه الخاصية التي أكرمهم الله بها، وعليهم أن يعلموا عظم هذه الأمانة التي حملوها، وأن يكونوا على مستوى المسؤولية، قال تعالى: “بَلْ هُوَ ءَايَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِأيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ” [العنكبوت، 49] فما أروع هذه الآية التي تبين عظيم شأن صدر وعى كلام الله، وتصف أصحابها بأنهم هم الذين أوتوا العلم، وهل بعد كتاب الله من علم؟
والأعجب من هذا أن بعض هذه الصدور أعجمية لا تنطق العربية، ولكن ألسنتهم بالقرآن فصيحة كما شوهد كثير منهم.
إن الطريق الأول للعلم كله هو تعلم القرآن الكريم، فلم يكن أحد من السلف يقدم على القرآن شيئا، ولا يرضون لطالب العلم أن يشرع في طلب العلوم والحديث إلا بعد أن يحفظ القرآن، عن الوليد يعني ابن مسلم قال: “كنّا إذا جالسنا الأوزاعي فرأى فينا حدثاً قال: يا غلام هل قرأت القرآن؟ فإن قال نعم قال: اقرأ يوصيكم الله في أولادكم وإن قال لا قال: اذهب تعلم القرآن قبل أن تطلب العلم“[1]..
يتبع في العدد المقبل..
————————————————–
1. الجامع لأخلاق الراوي ج: 1 ص: 108.
أرسل تعليق