Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

المطلوبات الستة للمؤمنين في سورة اَل عمران

قال تعالى: “ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار ربنا إنك من تدخل النار فقد اَخزيته وما للظالمين من اَنصار ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان أن امنوا بربكم فأمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا و توفنا مع الاَبرار ربنا وءَاتنا ما وعدتنا على رسلك ولا تخزنا يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد” [اَل عمران، 191-194].

أول مطلوب في هذا الدعاء هو الوقاية من النار، والملاحظ أن هذا الدعاء القرآني مسبوق بتسليم المؤمنين بمبدأ الإفادة، باعتباره مبدأ عظيما من مبادئ فهم هذا الكتاب المعجز، ومقترن بتعليلهم دعائهم بملاحقة الخزي، والهزيمة لمن دخل نار جهنم.

التعليل الذي يقترن بهذا الدعاء متمثل في قوله تعالى: “ربنا إنك من تدخل النار فقد اَخزيته وما للظالمين من اَنصار“. فهم طلبوا من الله الوقاية من النار؛ لأنه لا يدخلها إلا لمن لحقه الخزي، أي الذل والهوان. ولهذا ندرك المغزى من دعاء إبراهيم في قوله تعالى: “ولا تحزني يوم يبعثون” [الشعراء، 87]، ولا يدخلها أيضا إلا الظالمون الذين فقدوا نصر الله تعالى.

أما المبدأ الإفادي فواضح في قوله تعالى: “ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك“، أي أنك تتنزه أن تخلق خلقا باطلا بغير حكمة[1]، وإنما خلقت الكون، وخلقت البشر لغاية محددة، ومن أجل مقصد واضح. والغاية المحددة والمقصد الواضح هنا. هو الحق الذي يضفي على كل موجود، صغيرا كان أم كبيرا، غاية فيحدد له دورا ووظيفة. علمها من علمها، وجهلها من جهلها. قال تعالى: “أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون” [المومنون، 116]، وقال أيضا: “اَحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا ءَامنـا وهم لا يفتنون” [العنكبوت، 1]. وقال أيضا: “أيحسب الاِنسان أن يترك سـدى” [القيامة، 35]، وقال أيضا: “وما خلقنا السماوات والاَرض وما بينهما لاعبين ما خلقناهما إلا بالحق ولكن أكثرهم لا يعلمون” [الدخان، 36-37]. فالخلق حق، ومن الحق عدم استواء الصالح والطالح.

وعلى كل حال انتهى التفكير بالمؤمنين، كما صور الإمام بن عاشور: “إلى أن المخلوقات لم تخلق باطلا، ثم تفرع عنه تنزيه الله تعالى وسؤاله أن يقيهم عذاب النار؛ لأنهم رأوا في مخلوقات الله طائعا وعاصيا، فعلموا أن وراء هذا العالم ثوابا وعقابا، فاستعاذوا أن يكونوا ممن حقت عليه كلمة العذاب. والخزي لا تطيقه النفس.. فعلموا أن لا نصير في الآخرة للظالم، فزادوا بذلك تأكيدا للحرص على الاستعاذة من عذاب النار، إذ قالوا “وما للظالمين من أنصار”، أي لأهل النار من أنصار تدفع عنهم الخزي[2].

توالت بعد هذا المطلوب خمسة مطلوبات تضمنها قوله تعالي: “ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان أن امنوا بربكم فأمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا و توفنا مع الاَبرار“. غفران الذنوب، أي ستر الكبائر، وتكفير السيئات، أي الصغائر، والوفاة مع الأبرار، أي أن يموتوا على حالة البر ويستموا عليها إلى أن ينتقلوا إلى الرفيق الأعلى. ثم ترقوا إلى طلب تحقيق المثوبة وعدم الخزي يوم القيامة في قوله تعالى: “ربنا وءَاتنا ما وعدتنا على رسلك ولا تخزنا يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد“.

——————————–

1. الزمحشري، الكشاف ج: 1، ص: 677، وابن عطية، المحرر الوجيز، ج: 1، ص: 555.

2. ابن عاشور، التحرير والتنوير ج: 4 ص: 198-199.

أرسل تعليق