القرآن يدعو إلى التفكر
يقول الله تبارك وتعالى في محكم كتابه العزيز “وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون” [النحل، 44]، لقد استخلف الله عز وجل الإنسان في الأرض ليحكم بأحكامه فيرسي القيم الأخلاقية الرفيعة كالعدل والرحمة والعفو والحلم.. اقتداءً بسنة سيد البشرية صلى الله عليه وسلم، الذي كان خلقه القرآن، لذلك سخر الله له الكون فجعل المكونات في تجانس عظيم وتكامل بديع يترجم عظمة واجدها، وينير عقل المتأمل فيها بنور الإيمان ويهديه إلى توحيد الرحمان.
لقد أثبت العلم الحديث ما أكده القرآن الكريم من تفرد كوكب الأرض بمميزات جعلته مناسبا لظهور الكائنات الحية بشتى أنواعها ومناسبا بالتالي لاستمرار حياة البشر على سطحها عظمته “وفي الاَرض ءَايات للموقنين وفي أنفسكم أفلا تبصرون” [الذاريات، 20-21]، فقد أحكم توازنها في الفضاء بفضل قوانين الجاذبية والقوى الكهرومغناطيسية وبعدها عن الشم بمسافة مضبوطة تقدر ب 149 مليون كيلو متر، وقدر الله عز وجل فيها الأقوات، وجعل جبالها رواسي تضمن استقرار الألواح الصخرية “ألم نجعل الاَرض مهادا والجبال أوتادا” [النبأ، 6-7]، وجعل دورة الماء منتظمة بفضل الغلاف المائي الذي يغطي ثلاث أرباع القشرة الأرضية “وجعلنا من الماء كل شيء حي اَفلا يومنون” [الاَنبياء، 30]، وغلافها الجوي الذي يقي ساكنيها من الأشعة الضارة “وجعلنا السماء سقفا محفوظا وهم عن اياتها معرضون” [الاَنبياء، 32]، وجعل تربتها صالحة للغرس وباطنها غني بالثروات والمعادن والدرر..
ولما كان الإنسان كثير النسيان “وخلق الانسان ضعيفا” [النساء، 28] جعل الكون مليء بالآيات المعجزات وأتقن تكوينه إتقانا عجيبا بالنسبة لباقي المخلوقات “لقد خلقنا الانسان في أحسن تقويم” [التين، 4]، ذلك بأن خلق ظاهره من تراب الأرض ليسهل عليه التكيف مع من يقطنها “ومن اياته أن خلقكم من تراب ثم إذا أنتم بشر تنتشرون” [الروم، 19]، وحباه الله عز وجل بالعقل والحواس الخمس (البصر، السمع، اللمس، الذوق والشم) ووهبه الأطراف العليا ليستعين بها لقضاء مآربه والأطراف السفلى ليتنقل بها بيسر على ظهرها، وباطنه مؤهل لتلقي التشريعات الإلهية والقيام بمهمة الاستخلاف في الأرض “إني جاعل في الارض خليفة” [البقرة، 29].
لقد أمرنا الله تبارك وتعالى من خلال العديد من الآيات البينات بالتفكر في مخلوقاته وبالنظر في أنفسنا لنتذكر فتخشع قلوبنا لذكره عز وجل رأفة من لدنه ورحمة بنا “أو لم ير الانسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحي العظام وهي رميم قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم الذي جعل لكم من الشجر الاَخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون” [يس، 76-79]، وقد أكدت الاكتشافات العلمية الحديثة إعجاز الآيات القرآنية التي أشارت إلى حقائق علمية تتحدى عجز البشر عن الإتيان بمثله مهما بلغ من التقدم العلمي لأنه لن يزيده إلا إقرارا بمعجزة كتاب الله “قل لئن اجتمعت الاِنس والجن على أن ياتوا بمثل هذا القرءَان لا ياتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا” [الاِسراء، 88].
أرسل تعليق