Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

الضوابط التشريعية لتداول السلعة في الفقه الإسلامي..(2)

3. ترك الثناء على السلعة بما ليس فيها

وهذا المبدأ يباين به الفقه الإسلامي الاقتصاد الوضعي، فالتاجر في ظل القيم الإسلامية، مهمته الإخبار بصدق عن السلعة، دون زيادة ولا نقصان، ولذلك نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن كل الأساليب التي يتخذها البعض لترويج سلعه كالحلف والثناء على السلعة بما ليس فيها، وجعل صاحبه آثم “من حلف على يمين وهو فيها فاجر ليقتطع بها مال امرئ مسلم، لقي الله وهو عليه غضبان[1].

إن ترك الثناء على السلعة من القيم الإسلامية التي يفترق فيها الفقه الإسلامي عن ما يتبع في الاقتصاد الوضعي الذي يتخذ كل الطرق الملتوية لترويج سلعه، فيلجأ إلى الوسائل الإعلامية والدعائية، ويقدم السلعة بالكلام عن مزاياها ويغرق في الثناء عليها بما ليس فيها، وهذا الأسلوب ينافي مبادئ الشريعة الإسلامية التي تقوم على الصدق في الأخبار.

4. أن تكون السلعة موجودة

إن وضوح التعامل في الفقه الإسلامي يقتضي تحقق المستهلك من وجود السلعة، ولذلك لا يصح بيع المعدوم كحبل الحبلة[2]، وبيع المضامين[3]، والملاقيح[4]، ويندرج تحت هذا نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمر على الشجر قبل بدو صلاحه، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه: “أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمار حتى تزهي، فقيل له: وما تزهي قال: حتى تحمر فقال أرأيت إذا منع الله الثمرة بما يأخذ أحدكم مال أخيه[5]. فهذا النوع من البيوع فيه غرر؛ لأن السلعة هنا تجهل عاقبتها وقد يتعذر تسليمها، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم لحكيم بن حزام لما قال له: “يا رسول الله، يأتيني الرجل فيريد مني البيع ليس عندي، أفأبتاعه له من السوق؟ فقال: لا تبع ما ليس عندك”[6].

 ولا شك أن هذا ينطبق على بعض المعاملات الحاضرة في وقتنا الحاضر حيث يقوم بعض التجار بشراء السلعة من جالبها وبيعها إلى آخر وهي في مكانها لم يقبضها، وهكذا ربما ابتاع على ثالث ورابع من غير أن يقبضها، ومثل هذا النوع من البيوع التي يتم بيعها قبل قبضها غير جائز[7].

كما ينطبق أيضا على أعمال المضاربة في البورصات، حيث يقوم المضاربون بشراء وبيع عقود السلع دون تسليم أو استلام هذه السلع، ويحدث هذا تذبذبا في الأسعار مقابل الأرباح التي يحصل عليها المضاربون دون تقديم خدمة إنتاجية في مقابلها[8].

ومن هنا يعتبر تنصيص الفقه الإسلامي على وجود السلعة سدا لذرائع الفساد، ولما ينطوي عليه عدم وجودها من مخاطرة ومغامرة.

—————————————–

1. رواه البخاري في باب كلام الخصوم بعضهم في بعض، البخاري بحاشية السندي، ج: 2 ص: 61.

2. وهو نتاج ما تنتج الناقة.

3. ما في بطون الحوامل.

4. ما في ظهور الفحول

  • انظر القوانين الفقهية، ص: 169.
  • بداية المجتهد، ج: 2، ص: 23.

5. رواه البخاري في كتاب البيوع، البخاري بحاشية السندي، ج: 2، ص: 23. كما أخرجه أبو داود في كتاب البيوع، باب في الرجل يبيع ما ليس عنده، سنن أبي داود، ج: 3، ص: 283.

6. راجع الخلاف الفقهي حول هذه المسألة في: بداية المجتهد، ج: 2، ص: 111 وما بعدها.

7. انظر الخلاف الفقهي حول حكم بيع ما لم يقبض: في المغني، ج: 4، ص: 228.

  • وفتح القدير لابن همام، ج: 5، ص: 264.
  • وبداية المجتهد، ج: 2، ص: 122.
  • كما يمكن الرجوع إلى كتاب “أحكام السوق في الإسلام وآثارها في الاقتصاد الإسلامي” أحمد بن يوسف الدريويش، ص: 161. الطبعة الأولى: 1409هـ/1989م، دار عالم الكتب الرياض.

8. ويذهب البعض أن النهي في الحديث مداره على البائع لسلع لا يمكنه الحصول عليها أو ليس عنده ثقة في الوفاء، بهذا البيع، أما إن تحققت الثقة في الوفاء بهذا البيع؛ فإنه لا يدخل في البيع فهو من السلم. ضوابط تنظيم السوق الإسلامي: غازي عناية، ص: 37.

أرسل تعليق