الشباب حدائق الربيع وروح من أرواح الفردوس الإنساني..(2)
زيارة الإنسان المسلم لأخيه الإنسان في هذا الكون، سيكون لها فصل الخطاب، والحق لا يقدم على هذه المهمة إلا الشاب السائح الجواب المخالط لرجال العلم والدين والمعرفة والأدب، من اكتسب من سياحاته الفكرية، وعبر البحار، وتجول في المعمور، وسبر أغواره اطلاعا وتواصلا أكسبه معرفة بالرجال عميقة، وحياته للإنسانية حرا طليقا كالهواء ينعش الأحياء، أو كالطير على الغصون يشدو بمعارفه بين الناس ويذيع بينهم ذخيرة معارفه، ويلهمهم قبسا من روحه النافذ، ويبث فيهم شيئا من إيمانه القوي بالله تعالى، بريقا يأخذ بالألباب والأبصار، وينفخ من وجدانه في محاوريه ومناظريه ليمزق عن قلوبهم حجب الأوهام وأسجاف الشك والتردد، وبما يخلب ألباب سامعيه، وبالإجمال يجد عنده كل إنسان تلك الحكمة المتسقة الشاملة التي تتناول مجالي النظر والعمل، وتشمل الله سبحانه والعالم والإنسان، لتتذوق البشرية الحائرة التائهة الحياة العاملة أسوة به حتى ينشئ بينهم رابطة من التضامن والتعاون لهدم أوكار الأمية والجهل والوثنية، وتشييد معالم الإيمان والمساواة والإخاء الإنساني، والمناداة بتقديس كرامة الفرد، وإقامة ميزان العدل بين أبناء وبنات آدم وحواء بهمة، وشمم العاملين، وعزة نفس وبذل للحياة في سبيل مثل أعلى ونصرة المظلوم وإرشاد الحائر.
والشباب اليوم مدعو إلى النظر في حاله لتحقيق نهضة إنسانية تجديدية تلائم مقتضيات العصر الحديث وتبين لكل إنسان أن الإسلام إذا فهم الفهم الصحيح يستطيع أن ينمو في كل مكان نموا طبيعيا وأن يسير إلى الأمام، يجمع بين المصالح المتجددة للحياة العملية، وبين المطالب السامية للنفس الإنسانية، والناس ليسوا قطعا من الصخور ملقاة في فلاة أو أدغال لا صوت لهم ولا حس بين الأمل الحلو والواقع الإنساني المر، فالإنسانية اليوم تمر بأصعب وأدق فترة في تاريخها، إنها فترة انتقال يتصارع فيها الماضي والحاضر، ويتشابك فيها الأمل والوعي والاندفاع بمرارة الواقع من تأخر في الأخلاق والروح، وتردد في الإقدام والإحجام، لذلك فأنا أرى اليوم أن الإنسان في حاجة إلى قفزة يخرج بها من الجمود والسلبية إلى الإيجابية والتفاؤل، في سبيل مجتمع إنساني أفضل، والمثل يقول (أول الغيث قطر) والتطور حاصل شئنا أم أبينا؛ لأنه أخذ يدق أبواب الأمة ليوقظها من سباتها حتى تعي دورها الصحيح في هذه الحياة.
والمسلمون في صراع من أجل الانطلاق يصطدمون بعقدة الخوف والتردد لنبش تاريخهم بكنوزه نتجت عنه مفارقات وفي طليعتها خيبة أمل أجيال، تحتاج إلى معجزة، معجزة الثقة بالنفس والمستقبل والإنسان، ومعجزة الإرادة التي لا تمتلك الدنيا أعظم منها.
والقفزة القوية مع الفكرة الناجحة من الإنسان الناضج هي إكسير الحياة؛ لأنها لا تموت، والطوب الذي يلقيه أعداء الفكرة الناجحة لا يدفنها، إنه يزيد حلاوتها وقوتها ومناعتها، ويحولها من فكرة من حبر على ورق إلى أهرام ضخمة يستحيل هدمها، وعلى من يحب البشرية أكثر أن يأخذ المبادرة..
والله المستعان
أرسل تعليق