الدعاء وسوء الاختيار
قال تعالى: “وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الاَرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها قال أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم” [سورة البقرة، جزء من الآية 61].
أجهد بنو إسرائيل أنفسهم حتى يوقعوا موسى عليه السلام في اليأس منهم. من ذلك مطلبهم المتمثل في كونهم لم يعودوا يقدرون على الصبر على تناول المن والسلوى، فتوجهوا إليه بأن يدعو الله تعالى أن يخرج لهم مما تنبته الأرض من بقل وقثاء وفوم وعدس وبصل[1]. يطلبون من الله تعالى أن يدعو لهم بهذا على الرغم من أن الله تعالى وهبهم ما هو خير منه كظلال الغمام ونزول المن والسلوى وتفجير الأنهار[2].
إذا نظرنا في صيغة ما طلبه بنو إسرائيل إلى موسى عليه السلام نلاحظ أنه ينطوي على مقادير غير قليلة من الجفاء وسوء الأدب أولا مع الله تعالى الذي لا تحصى نعمه، وثانيا مع رسوله موسى عليه السلام الذي اتسع صدره لمطالبهم وأجهد نفسه في خدمتهم. والجفاء وسوء الأدب واضح في قولهم: “لن نصبر على طعام واحد” وهذا تصريح ينطوي على مبلغ كبير من الجفاء، ويكتنز نسبا كبيرة من المكابرة في عدم تقدير نعم الله تعالى حق قدرها، إذ كيف يستساغ في العقل السليم أن لا يقبل ذوو الفطرة السليمة على تناول النعم التي أنزلها الله تعالى. وقد ذهب بهم الجفاء إلى درجات من النزق والبطر والكبرياء أفضت بهم إلى التعبير عن مطلوبهم بحرف “لن” الذي يفيد التأبيد والاستغراق في كل الأزمنة.
يبدو من دعائهم هذا الذي طلبوه من موسى عليه السلام ما يؤسسه من سوء اختيار إذ لم يكونوا موفقين في ما اختاروه من دعاء، فبدل أن تتجه همتهم إلى استشراف المطالب العالية والشريفة ركنوا إلى ما هو أدون منها. وهو ما نبههم عليه قوله تعالى: “أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير”[3]. فلما لما أساؤوا الاختيار واستبدلوا الأخس والأدون بالذي هو أرفع أمرهم الله تعالى بقوله “اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم”. وهكذا استحق بنو إسرائيل بسبب سوء اختيارهم ليس فحسب التهديد بإرجاعهم إلى ما كانوا عليه من انكسار وذلة ومسكنة، وإنما استحقوا أيضا التأديب بأن وكلهم الله إلى نفوسهم وإلى أعمالهم تجري عليها نواميس نظام العالم من ترتب الأسباب على أسبابها والعلل على معلولاتها. ولله در الشيخ بن عطاء الله رحمه الله عندما قال: “من جهل المريد أن يسيء الأدب”.
—————————-
1. البقل من النبات ما ليس بشجر، وهو ما يطعمه الإنسان من أطايب الخضر كالكرفس والنعناع، والقثاء هي أخت الخيار. والفوم هو الحنطة، تفسير المنار لمحمد رشيد رضا، ج 1 ص: 325.
2. كما في قوله تعالى: “وظللنا عليكم الغمام وأنزلنا عليكم المن والسلوى كلوا من طيبات ما رزقناكم” [سورة البقرة، جزء من الآية 57] و “وإذ استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا قد علم كل أناس مشربهم عينا كلوا واشربوا من رزق الله ولا تعثوا في الاَرض مفسدين”.[سورة البقرة، جزء من الآية 60].
3. ذهب الرازي إلى أن في هذا الجواب إنعام عليه، وذهب آخرون إلى ما يمكن اعتباره معصية لأنهم كرهوا نعمة تناول المن والسلوى.
-
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مما لا لشك فيه أن الأستاذ الدكتور بذل جهودا جبارة لافادتنا، خاصة فيما يتعلق بقصة موسي عليه السلام في سورة البقرة.
جزى الله الأستاذ وجعل الله أعماله في ميزان حسناته -
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيكم دكتور الكريم على المجهودات القيمة التي يقوم بها من أجل إفادتنا
وفي انتظار جديدكم تقبلوا مني فائق الاحترام والتقدير
تحية احترام وتقدير -
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وبعد
جزاكم الله خيرا
كلام متين
نفعنا الله وإياكم به
نسأل الله أن يمن على شيخنا الدكتور إسماعيل الحسني الصحة و العافيه -
السلام عليكم
بارك الله في دكتورنا الكريم على المجهودات القيمة التي يقوم بها من أجل إفادتناتحية احترام وتقدير
تحياتي لكم دكتور -
بسم الله الرحمن الرحيم
أشكر الأستاذ الفاضل العلامة الدكتور إسماعيل الحسني على الموضوع المانع، والمقال الرائع الذي ألقى الضوء على تصرفات بعض أهل الكتب السابقة وسوء أدبهم مع الله تعالى حين عصوا وتمردوا على شرع الله تعالى وعلى نبيه موسى عليه السلام.
والمقال يندرج في سلسلة فقه الدعاء التي عودنا الأستاذ العلامة أن يأتي فيها بما هو مفيد وسديد.
أسأل الله تعالى أن يوفق فضيلة الأستاذ الحسني لكل ما يحبه ويرضاه وأن يرزقه النجاح فيما يصبو إليه.
والسلام عليكم ورحمة الله -
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله في دكتورنا الفاضل
إسماعيل الحسني حفظه الله
على مجهوداته الجبارة التي يقوم بها من أجل رفع راية مقاصد الشريعة
وعلى فهمه الثاقب لمقاصد الشريعة
أسأل الله أن يوفق فضيلة الأستاذ لما فيه الخير
…………………..
طالبتكم المحترمة -
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فصيغة ما طلب بني إسرائيل إلى موسى لم تكن بالصيغ المقبولة ….
فيجب التأدب مع الطرف الذي نوجه له الطلب او الدعاء.. إن كان إنسانا، فما بالك بخالق الإنسان؟ أو برسول الله عليه صلوات ربنا وسلامه.
موضوع جدير بالمناقشة وحري بالمتابعة… بوركت دكتور
بارك الله فيكم أستاذ، وفي وقتكم وأدامكم الله
وفي انتظار جديدكم تقبلوا مني فائق الاحترام والتقدير
مع تحيات طالبكم الذي يحبكم
في أمان الله
التعليقات