الخطاب الشرعي والقواعد النسقية للتأويل.. (30)
2. أحكام الشرط
أ. الشرط كالاستثناء في وجوب الاتصال، فلابد من اتصال الشرط بالكلام، وذلك لأنه “فضلة لا يستقل بنفسه (…) لما تقدم أن الشرط متضمن للمصالح، والمصالح تناسب الاهتمام بها فلا تؤخر“[1].
ب. للشرط مع مشروطه صور أهمها:
اتحاد الشرط والمشروط، ومثاله: “إن دخل علي داري فأكرمه“.
اتحاد الشرط وتعدد المشروط: وهنا إما أن تحصل المشروطات على جهة الجمع كقولنا: إذ دخل علي داري فأكرمه وساعده. فتكون جميع المشروطات مترتبة على الشرط، بحيث إذا حصل الدخول يتعين الإكرام والمساعدة. وإما أن تكون حاصلة على جهة البدل كقولنا: إن دخل علي داري فأكرمه أو ساعده فلا يترتب على الشرط إلا أحد الحكمين.
3. تعدد الشرط واتحاد المشروط:
وهنا أيضا حصول المشروط لا يتحقق إلا عند حصول الشروط إن كانت على الجمع، كقولنا: “أكرم عليا إن دخل الدار وقدم هدية“، فالإكرام لفظ عام لكنه لا يتحقق إلا في صورة مخصوصة هي صورة اجتماع الشرطين: دخول الدار وتقديم الهدية.
أما إن كانت الشروط على البدل؛ فإن حصول المشروط يكفي في تحققه حصول أحد الشروط كقولنا: أكرم عليا إن دخل الدار أو قدم هدية، فالإكرام يتحقق إما بالدخول أو تقديم الهدية.
4. تعدد الشرط والمشروط: وتندرج تحت هذه الصورة حالات أربع هي:
1. أن يكون الشرط والمشروط على الجمع كقولنا: أكرم عليا واستضفه إن دخل الدار وقدم هدية، فالإكرام والاستضافة متوقفان على اجتماع الشرطين هما الدخول وتقديم الهدية؛
2. أو يكون الشرط والمشروط على البدل كقولنا: أكرم عليا أو استضفه إن دخل الدار أو قدم هدية، فالإكرام أو الاستضافة متوقف على أحد الشرطين المذكورين؛
3. أو يكون الشرط على الجمع والمشروط على البدل كقولنا: أكرم عليا واستضفه إن دخل الدار وقدم هدية، فالإكرام أو الاستضافة لا يتحققان إلا بدخول الدار وتقديم الهدية؛
4. أو يكون الشرط على البدل والمشروط على الجمع كقولك: أكرم عليا واستضفه إن دخل الدار أو قدم هدية، والمعنى أن الإكرام والاستضافة متوقفان على أحد الشرطين إما الدخول أو تقديم الهدية[2]؛
ج. يجوز تقديم الشرط المخصص للعام ويجوز تأخيره، وإن كان التقديم أولى؛ لأنه متقدم في الطبع كالسبب فيقدم في الوضع[3].
وعموما إن الشرط أسلوب خطابي لتقرير ظاهرة التخصيص كالاستثناء، فالشرط يدخل في الكلام مثلما يدخل الاستثناء فيه؛ “لأنه إنما يدخل الاستثناء لإيقاف المستثنى والمنع من إجراء الحكم عليه، وكذلك الشرط لأنه لا فصل بين أن يقول: اقتلوا المشركين إلا أهل العهد وبين أن يقول: اقتلوا المشركين إن لم يكونوا معاهدين“[4]…
يتبع في العدد المقبل…
—————————
1. شرح تنقيح الفصول، ص: 265.
2. انظر التصور اللغوي عند الأصوليين، السيد أحمد عبد الغفار، ص: 88 وما يليها، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية، 1991، (د.ط).
3. انظر شرح تنقيح الفصول، ص265 والتقريب والإرشاد 3/163.
4. التقريب والإرشاد، 3/167.
أرسل تعليق