ينتمي نبات الخردل إلى الأعشاب الحولية، ويصل ارتفاعه إلى ما يناهز المتر، أما أغصانه فهي غزيرة التفرع، وأوراقه بسيطة متبادلة، وأزهاره صفراء توجد على شكل عناقيد، وثماره قرنية الشكل ذات لون أصفر بني تضم بذورا كروية وصغيرة الحجم.

ينبت ببلادنا نبات الخردل الأسود المعروف علميا باسم Brassica nigra، وهو أكبر حجما من الخردل الأبيض ويشبه الخردل الصيني إلا أن هذا الأخير لون أزهاره أصفر باهت ولون بذوره بني فاتح.

تحتوي بذور الخردل على جلوكوزيدات ثيوسيانية، وبالنسبة للخردل الأسود فهي عبارة عن مركب سنجرين  Sinigrin إلا أن الزيت الثابت لبذور الخردل الأبيض ليس سام في حين أن زيت الخردل الأسود سام.

لقد عرف الخردل منذ القدم وذكر في القرآن وفي عدة كتب قديمة كما وردت فوائده في كتابات الإغريق والرومان والفراعنة حيث ذكر في البرديات الطبية لاستعمالات متنوعة كمسهل ومفيد في علاج الذبحة الصدرية ودهانا لأوجاع العضلات والمفاصل.

قال شيخ الأطباء ابن سينا في قانونه ” يقطع البلغم وينقي الوجه وينفع من داء الثعلبة، يحلل الأورام الحارة، ينفع من الجرب والقوابي، ينفع من وجع المفاصل وعرق النسا، ينقي رطوبات الرأس، يشهي الباه وينفع من اختناق الفم“.

وقال ابن البيطار في الخردل: “يقطع البغم وينقي الوجه ويحلل الأورام وينفع من الجرب ويحل القوابي وعرق النسا. ويستعمل في إكحال الغشاوة من العيون، ويزيل الطحال والعطش، وللخردل قوة تحلل وتسخن وتلطف وتجذب وتقلع البلغم إذا مضغ. وإذا دق وضرب بالماء وتغرغر وافق الأورام العارضة فيجنبتي اصل اللسان والخشونة المزمنة العارضة في قصبة الرئة، وإذا دق وقرب من المنخرين جذب العطاس ونبه المصدوعين والنساء اللواتي يعرض لهن الاختناق من وجع الأرحام، وإذا تضمد به نفع من النقرس ولإبراء داء الثعلبة، وإذا خلط بالتين ووضع على الجلد إلى أن يحمر وافق عرق النسا وورم الطحال، ينقي الوجه إذا خلط بالعسل أو الشحم أو بالموم المذاب بالزيت، قد يخلط بالخل ويلطخ به الجرب المقرح والقوابي، إذا خلط بالتين ووضع على الأذن نفع من ثقل السمع والدوي العارض لهذا إذا خلط بالعسل نفع من السعال، وإذا دخن بدخانه طرد الحيات طردا شديدا، يسكن وجع الضرس والأذن إذا قطر ماؤه فيها“.

يستفاد من الخردل الأسود طبيا من دقيق بذوره لعمل لزقات ضد الرثية وعرق النسا والآلام العضلية وعلل المجاري التنفسية والتهابات المفاصل وأمراض الجلد، وضعف القلب والتهابات الرئة والنقرس والتهاب الفم واللوز والحنجرة والصداع وآلام قرحة المعدة وضعف الدورة الدموية.

وقد أظهرت الدراسات العلمية أن الخردل مطهر فعال للجلد والفم، وهو يثير اللعاب ويسهل المضغ، ويزيد من إفرازات الأمعاء، وينشط حركتها ويطرد الغازات منها ومن المعدة.

ومن جهة أخرى يفيد الخردل في الوقاية من الشلل المخي وانفجار شرايين الدماغ، وتصلب شرايين المخ وضغط الدم. وقد أثبت البحث العلمي أن مستخلص الخردل الأسود يقي الجهاز العصبي من حدوث نوبات الصرع التجريبي المحدث بفعل الأكسدة والجذور الحرة، ومن ثم أمكن القول بأن تلك الوقاية تعتمد على آليات مضادة الأكسدة إلا أنه لا ينبغي استبعاد تدخل منبهات مستقبلات نظام الجابا GABA.