الحركة العلمية في عصر السعديين.. (6)
إن الذي ينبغي تسجيله في الكلام على الحياة الفنية في هذا العصر هو النهضة الموسيقية التي تتمثل في المحافظة على الطرب الأندلسي بجميع ألحانه ونغماته وقطعه وأدواته ثم تجديده وتكميله بما هو منه بسبيل كإضافة بعض الآلات وتوليد بعض الطبوع، ومن ذلك طبع الاستهلال الذي استنبطه الحاج على البطلة من أهل فاس على عهد السلطان عبد الله الغالب بن محمد الشيخ المهدي، وهو خارج عن شجرة نغمات الأصول والطبوع المتفرعة عنها التي وضعها الموسيقيون لذلك، ولكن الغالب عليه أن يكون فرعا من الذيل كما في كتاب الحايك الموسيقار المشهور، وإلى هذا فإن ضروبا من الزينة في اللباس والفراش والأثاث على العموم قد ابتكرت في هذا العصر مما يدل على دوق فني رفيع. ونذكر على سبيل المثال من ذلك المنصورية التي يقال أن المنصور الذهبي أول من لبسها، وكذلك الحائطي، ويطلق على الستور المزخرفة التي تزين بها جدران البيوت وقاعات الجلوس وللشعراء فيه أوصاف جميلة.
ومن الجدير بالذكر أن المرأة كان لها يد طولى في هذا الصدد فقد سجل المؤرخون أن العريفة بنت خجو أسرة معروفة بالعلم والفضل هي التي هذبت حواشي ملك السعديين وخاصة في داخل قصورهم وحالاتهم في الطعام واللباس وعاداتهم مع النساء وما إلى ذلك.. إذ كان قيامهم أولا من البادية فلم يكونوا يتقيدون بآداب الحضارة وسير أهلها..
يتبع في العدد المقبل..
عن كتاب النبوغ المغربي في الأدب العربي تأليف العلامة عبد الله كنون الجزء الأول، ص: 244-245 دار الثقافة.
أرسل تعليق