“..الأكوان ظاهرها غرة، وباطنها عبرة”
في هذه الحكمة المباركة، ينبّه الشيخ بن عطاء الله السكندري رضي الله عنه، إلى حقيقة بالغة الأهمية، مفادها، أن الإنسان مخلوق ثنائي الطبيعة، وكذا الأكوان! .
فالإنسان كائن يتساكن فيه الطين اللازب، مع النفخة من روح الله تعالى، وهو قوله سبحانه “فإذا سويته ونفخت فيه من روحي، فقعوا له ساجدين” [الحجر، 29].
والأكوان خلق ظاهره صعيد جرز، وباطنه تسبيح لله سبحانه وتعالى “وإن من شيء اِلا ويسبح بحمده” [الاِسراء، 44]، “اَلم تر أن الله يسجد له من في السموات ومن في الاَرض، والشمس والقمر، والنجوم والجبال، والشجر والدواب وكثير من الناس” [الحج، 18].
والبعد الجثماني في الإنسان، منجذب إلى ما يقابله من تشكل مادي في الأكوان، وذلك من طريق النفس، ذلكم التشيؤ الوظيفي من غرائز ورغائب وطبائع، تشيّؤ أفلح من زكاه وخاب من دساه “ونفس وما سواها، فألهمها فجورها وتقواها، قد اَفلح من زكاها وقد خاب من دساها” [الشمس، 7-10].
وكذا البعد الروحي في الإنسان منجذب من طريق القلب، إلى ما يقابله في الأكوان من نبض تسبيحي “كل قد علم صلاته وتسبيحه” [النور، 41].
وإلى النوع الأول من الانجذاب والتجاوب بين الإنسان والأكوان، أشار الشيخ رحمه الله بقوله: “الأكوان ظاهرها غِرة (أي غفلة)… فالنفس تنظر إلى ظاهر غرّتها”
وإلى النوع الثاني من الانجذاب والتجاوب، أشار رضي الله عنه بقوله: “والقلب ينظر إلى باطن عبرتها”.
فعلم أن السداد مقترن بالوصل بين الضربين من النظر لا الفصل بينهما، وهو الفصل الذي ناب أهله اللوم في قوله تعالى: “يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الاَخرة هم غافلون” [الروم،7].
والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل.
الأمين العام
للرابطة المحمدية للعلماء
أرسل تعليق