Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

..الأثر الصوفي في مجال الحديث

الزاوية الفاسية

3. الشيخ أحمد بن يوسف الفاسي (تـ 1021هـ)

هو الشيخ أبو العباس أحمد بن أبي المحاسن يوسف الفاسي، حافظ المغرب كما حلاه صاحب نشر المثاني[1]، ولد بالقصر يوم السادس من ذي الحجة سنة 971هـ، نشأ في بيئة علمية هو وعمه الشيخ أبو محمد عبد الرحمن، فحفظ القرآن في صباه، وحفظ جميع المتون المدرسة آنذاك، ورحل إلى فاس هو وعمه المذكور فآخذا علوما جمة من نحو وبيان وفقه وأصوله، على يد جلة علماء فاس، ولازم الشيخَ الإمام العالم المحقق أبا عبد الله محمد بن قاسم القصار، فاغترف من علومه الجمة، وأخذها أخذ تحقيق وتدقيق، لاسيما الحديث وعلومه، فقد “سمع عليه جميع الموطأ، وصحيح البخاري، وصحيح مسلم، وشمائل الترمذي، ورسالة ابن أبي زيد، وجل الشفا وغير ذلك.. وكان كثيرا ما يشهد له بالتفنن والحفظ والصلاح”[2].

كما قرأ على أبيه أبي المحاسن العديد من العلوم والفنون، قراءة تمحيص وتدقيق، فقد كان دأبه قراءة كتب الحديث في مجلسه، “فقرأ عليه صحيح البخاري مرات كثيرة، وصحيح مسلم مرات أيضا[3]، فكان آية في تحصيل العلوم، ومنبعا عذبا لأنواع الفهوم.

ولما توفي أبوه الشيخ يوسف أبو المحاسن، قام مقامه في التدريس وتربية المريدين، فكان خير خلف لخير سلف، ماضيا عمره في نشر العلوم، وبخاصة علم الحديث، حيث كانت له مجالس علمية حافلة يحضرها الخاص والعام، ويصف لنا الحضيكي مجلسه بقوله: “وكان رضي الله عنه وقورا مهابا، مجلسه مجلس علم وحلم، يحضر مجلسه فقهاء فاس وأعيان طلبتها[4]، فمجالسه مُكللة بجواهر تدقيقاته، وسحر بيانه، ونفحات عوارفه الربانية، لذلك فهي تستهوي أهل العلم.

وله عدة مؤلفات في مجالات متعددة، نقتصر فيها على جانب الحديث منها:

• شرح عمدة الأحكام للحافظ عبد الغني “سلك فيه مسلك الاختصار والتهذيب، محصلا لما في شرحيها لابن دقيق العيد والفاكهاني، ولما عند ابن حجر والأُبِّي[5]، وهذا يدل على أن الشيخ يعتمد في شرحه على مؤلفات كبار الأئمة المشهود لهم بالدراية التامة في علم الحديث، ولا يقتصر على المختصرات والحواشي؛

• الدرر الحسان في الكلام على ليلة النصف من شعبان، تحدث فيها بالدرس والتحليل على ليلة النصف من شعبان، سالكا منهج المحدثين والفقهاء من ذكر الأحاديث وفقهها؛

• حاشية على صحيح مسلم، لكن المنية أعجلته عن إتمامه..

توفي رحمه الله بين الظهر والعصر يوم الأربعاء 21 من ربيع الثاني سنة 1021هـ، وحضر جنازته خلق لا يحصون من القبائل وغيرها.

ومن عجيب الصدف أن رُمز لتاريخ وفاته بهذه الأبيات العجيبة الدالة على تمكنه في الحديث وتحققه بمعانيه، هذه الأبيات أنشدها الشاعر أبو عبد الله محمد بن أحمد المكلاتي بقوله:

ولستُ أشك في ابن يوسف أحمدَ     ومسنده قد صح عن خير مرسل

يتبع في العدد المقبل..

—————————————–

1. ينظر نشر المثاني، ضمن موسوعة أعلام المغرب، 3/1185.

2. مرآة المحاسن، 319.

3. مرآة المحاسن، 319.

4. طبقات الحضيكي، 1/52.

5. مرآة المحاسن، 321.

أرسل تعليق