Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

ابن القطان – المشيخة (11)

      هذا هو حادي عشر الأجزاء، من هذه المقالات عن ابن القطان، وهو تتميم لما سبق من الكلام عن مشيخته. وتلك سلسلة أعرض فيها من وقفت له منهم على رواية جملة من دواوين العلم، أو ذُكر له شيء من التآليف فيه؛ ومن جملة أغراضي من ذلك: استعمالُه بعد الفراغ من جمعه في مناقشة كلام قيل عن ابن القطان، من كونه أخذ الحديث مطالعة. ولست ألتزم هنا بنسق معين في عرض هذه المشيخة، وإنما أجلب منهم من آنَسُ من نفسي أني استفرغت وسعا في جمع مادة ترجمته.

أبو الحسن المحاربي: علي بن أحمد بن محمد بن كوثر (تـ 589هـ)

      شيخ من مشيخة الأندلس الرحالين “كان مغيبه عن الأندلس في وجهته المشرقية نحو اثني عشر عاماً”[1]؛ وأحد حملة العلوم من القراءات، والحديث، والفقه، والعربية، وكان فيها إماما؛ لقي شرقا وغربا شيوخا فحولا، وأئمة كبارا، وحفاظا أعلاما.

      فأما القراءات فإنه أحد أئمتها أمعن في طلب هذا الفن وتحقيق مسائله[2]. وتصدر للإقراء بغرناطة، وصنف فيها، وأورده الذهبي وابن الجزري ضمن القراء الكبار كما سيأتي نقل شيء من كلامهما في ذلك.

      وأما الحديث فطلبه شرقا وغربا، بغرناطة ومكة ومصر “وحمل عن السلفي كثيرا”[3]. والسلفي وما أدراك ما السلفي في اتساع الرواية وعلو الإسناد. وكما تصدر المحاربي للإقراء بغرناطة تصدر بها أيضا للإسماع والرواية[4].

      وأما العربية نحوا وأدبا، فأخذها عن ابن بري إمام العربية المشهور؛ كما نص عليه ابن الأبار[5]. واختص بوالده أحد أئمة النحو؛ فلازمه في الحضر وزامله في السفر، ومما يدل على مكانته أن الحافظ السلفي على جلالته العظيمة ذكره في معجم السفر، فقال: “أنشدني أبو جعفر أحمد بن محمد بن كوثر المحاربي الغرناطي بديار مصر قال: أنشدنا أبو الحسن علي بن أحمد بن خلف النحوي لنفسه بالأندلس في “كتاب الإيضاح” لأبي علي الفارسي النحوي:

          أضِـــعِ الكـــــــرى لتحفّــــظ الإيضـــــــــاح          وَصِــــــل الغــــدو لفهـــــمـــــــه بــــرواح

          هـــــو بغيـــة المتعلميـن ومن بــــــــغى          حمـــل الكتـــــاب يلِــجْــــــه بالمفتـــــاح

          لأبــــي علــــي في الكتــاب إمامـــــــــة          شهـــــد الــــرواة لهـــــا بفـــــوز قـِــــدَاح

          يفضــــــي علــــى أســراره بنوافــــــــــذ          من علمــــــــه بهــــــرت قـــــوى الأمداح

          فيخـــــاطب المتعلــميــــــن بلفظـــــــــه          ويحـــــل مشكــلـــــــه بوَمْـــــضـــــة وَاح

          مضـــت العصــــــور وكـــــل نحــو ظلمــة          وأتــــى فكـــــان النحــــوُ ضـــوءَ صبـــــاح

          أوصــــــــي ذوي الإعــــــراب أن يتذاكـروا          بحروفـــــــه فــــي الصحـــف والألــــــواح

          فــــإذا هـــم سمعـــوا النصيحــة أنجحـوا          إن النصيحــــــة غِبُّــــهـــــــــا لنجــــــــاح

      ابن كوثر هذا كان من أعيان أهل غرناطة ومموَّليها بالأندلس قدم الإسكندرية بعدما جرى على بلده ما يجل عن الوصف من القتل والنهب وخراب أملاكه وذهاب أمواله. ورأيت له معرفة جيدة بالنحو وكتب عنّي شيئا يسيرا من الحديث ثم توجه إلى الحجاز بنية الإقامة إلى حين الوفاة فبلغني أنه توفي بمصر سنة خمس وخمسين وخمسمائة بعد أن حج وزار رحمه الله وإيانا إذا صرنا إلى ما صار إليه”[6].

      لأبي جعفر والد المترجم ترجمة في التكملة لابن الأبار[7]، وذكر أنه سمع مع ابنه جامع الترمذي من أبي الفتح الكروخي، وأعاد ذلك في ترجمة ابنه[8].

      كما له ترجمة أخرى في بغية الوعاة للسيوطي، قال فيها: “قال ابن مكتوم: نحوي، أخذ عن أبي العباس بن الباذَش، وسمع منه السِّلفي”[9].

      كان أبو الحسن علي بن أحمد إماما أثنى عليه الأئمة النقاد، ووصفوه بالمعرفة والوثاقة وعلو الإسناد، قال ابن عبد الملك: “وكان من جلة المقرئين وكبار المجودين، محدثا رواية عدلا”[10].

      قال ابن الأبار: “كان حسن الضبط والأداء”[11].

      وقال الذهبي: “عاد إلى بلده بعلم وإسناد عال فتصدر للإقراء والرواية وصنف في القراءات وبعد صيته وحمل الناس عنه… رحلوا إليه في جامع أبي عيسى”[12]. وقال أيضا: “المقرئ الأستاذ”[13].

      وقال ابن الجزري: “أستاذ مسند ثقة”[14] والأستاذية لقب كبار القراء وأماثل النحاة.

      مروياته:

      •  الكامل في القراءات المشتمل على خمسين إمام لابن جبارة الهذلي أبي القاسم يوسف بن علي، وهو من مرويات المنتوري من طريق أبي الحسن المحاربي[15]؛

      •  التلخيص في القراءات الثمان. لأبي معشر عبد الصمد بن عبد الكريم الطبري، وهو من مرويات المنتوري[16]، وابن الجزري[17] من طريق أبي الحسن المحاربي؛

      •  التيسير لأبي عمرو الداني. ذكر ابن الأبار في ترجمة أبي الحسن علي بن خلف بن رضا الكفيف البلنسي أن المحاربي حدث عنه بالتيسير[18]؛

      •  جامع الترمذي. سمعه بمكة مع أبيه من أبي الفتح الكروخي[19]. وهو من مرويات التجيبي[20] والمنتوري[21]، من طريق أبي الحسن المحاربي. وممن روى جامع الترمذي عن المحاربي: أبو الحسن ثابت بن محمد الكلاعي ذكره ابن الأبار[22].

      مصنفاته:

      قال الذهبي:”صنف في القراءات وبعد صيته”[23].

      ولم أقف على شيء من مصنفاته سوى:

      •  العروس في القراءات[24]. وصفه ابن عبد الملك بأنه: “مصنف نافع”[25]

      وسأعرض في المقال المقبل -إن شاء الله تعالى- لشيخ آخر من شيوخ ابن القطان على نفس النهج الذي سرت عليه في هذه الترجمة وما سَبَقَها.

يُتبع …

———————————————-

  1.  الذيل والتكملة (س5/ق1/174).

  2.  انظر شيوخه وطول ملازمته لهم الذيل والتكملة (س5/ق1/173-174).

  3.  تاريخ الإسلام (12/880).

  4.  التكملة، تاريخ الإسلام (12/8810).

  5.  التكملة (3/217).

  6.  معجم السفر للسلفي (29-30).

  7.  التكملة (1/54).

  8.  التكملة (3/217).

  9.  بغية الوعاة للسيوطي (1/375).

  10.  الذيل والتكملة (س5/ ق1/174).

  11.  التكملة (3/217).

  12.  معرفة القراء (3/1093).

  13.  معرفة القراء (3/1093).

  14.  غاية النهاية.

  15.  فهرسة المنتوري (81).

  16.  فهرسة المنتوري (78-79).

  17.  النشر في القراءات العشر (1/98).

  18.  التكملة لكتاب الصلة (3/193).

  19.  التكملة لابن الأبار (3/217) وتاريخ الإسلام للذهبي(12/880)

  20.  برنامج التجيبي (102)

  21.  فهرسة المنتوري (130-131).

  22.  التكملة لكتاب الصلة (1/192-193).

  23.  معرفة القراء (3/1093) ومثله في: تاريخ الإسلام (12/880)، وغاية النهاية.

  24.  التكملة لابن الأبار (3/217)، والذيل والتكملة لابن عبد الملك (س5/ق1/174).

  25.  الذيل والتكملة (س5/ ق1/174).

أرسل تعليق