Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

إبصار الألوان.. آية من آيات الرحمان

تتميز العين بتركيب مذهل وتكوين يدهش العقل البشري الذي يقف عاجزا أمام القدرة الإلهية العظيمة، قال الله عز وجل: “وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالاَبصَارَ وَالاَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ” [النحل، 78].تتركز وظيفة العين في استقبال ونقل مختلف الألوان التي يتكون منها طيف الضوء، وتحويلها إلى سُيالة عصبية ينقلها عصب البصر إلى الدماغ الذي يترجمها إلى صور مرئية. فكيف تتم رؤية الألوان؟

العين عضو كروي الشكل ذو بنية متينة ومرنة في نفس الوقت، يبلغ قطرها 2,5 سم وهي تتكون من ثلاث أغلفة رئيسية: الصلبة “صلبة العين” -la sclère- وهي عبارة عن غلاف صلب أبيض خارجي يحمي العين ويمنحها الشكل الكروي والجزء الأمامي منه شفاف يكون القرنية. ويوجد تحت هذه الطبقة المشيمة -la choroide- غنية بالأوعية الدموية. ثم هناك الشبكية -la rétine- وهي طبقة داخلية مسئولة عن عملية الإبصار، وهي تحتوي على آلاف الخلايا البصرية –العصيات والمخاريط- تلعب دور المستقبلات الضوئية حيث تحول الضوء إلى إشارات كهربائية تنتقل عبر الألياف البصرية إلى الدماغ.

كما تتكون العين من أوساط شفافة هي من الأمام إلى الخلف: القرنية -la cornée- نسيج شفاف محدبة الشكل تقوم بجمع أشعة الضوء في بؤرة واحدة. القزحية l’iris تتركب من عضلة خاصة تضبط، عبر التمدد أو الانكماش، مقدار الضوء الداخل من خلال الثقب الموجود بمركزها وهو البؤبؤ -lapupille-.

تتألف الرطوبة المائية -Humeur aqueuse- من سائل شفاف يملأ غرفة يحدها من الأمام القرنية ومن الخلف القزحية. توجد البلورية -le cristallin-، وهو قرص بلوري شفاف محدب الوجهين، مباشرة خلف البؤبؤ وتفيد في التركيز عن طريق عضلات تسيطر على شكل العدسة بطريقة تلقائية، وكلما تقدمنا في السن تقل مرونة العدسة ومطاطيتها، مما يؤدي إلى صعوبة التركيز على الأشياء القريبة. تفصل الرطوبة الزجاجية -Humeur vitrée- الشبكية عن القزحية وهي جُسيم شفاف لَزج كبياض البيض.

كل الألوان التي نراها هي عبارة عن ضوء تتأثر به أعيننا، والضوء بدوره عبارة عن موجات كهرومغناطيسية تنتشر في المكان والزمان، ونحن باستمرار نسبح في المجال الكهرومغناطيسي الذي ينشئه وجود الجسيمات المشحونة وحركتهم. هذه الموجات الكهرومغناطيسية تتميز بالطول الموجي والتردد. فالألوان تختلف عن بعضها البعض باختلاف طول موجة كل منها أو التردد. والإنسان لا يرى إلا الألوان المنضوية في مجال الطيف المرئي أي بين الطول الموجي 400 “اللون البنفسجي” إلى 700 نانو متر “اللون الأحمر”.

كل فوتون -Photon- لديه كمية من الطاقة التي تميز تردده وهذا يفسر ظاهرة تبادل الطاقة بين الضوء والمادة. وهذا التبادل مع المادة يفسر إمكانية رؤية بعض الأشياء. فهناك نوعان من الأشياء:

• المواد التي تنتج الضوء كالشمس والمصابيح…فهي تبعث موجات كهرومغناطيسية؛

• ثم الأشياء الغير المرئية في الظلام والتي لا يمكن مشاهدتها إلا إذا كانت مضاءة، إذ تعكس المادة المضاءة موجات ضوئية في كل الاتجاهات؛

فعندما تعكس المادة كل الألوان تبدو بيضاء اللون لأنها لا تمتص شيئا منه وإذا امتصت كل الألوان بدت المادة سوداء، أما إذا امتصت كل الألوان عدا الأحمر بدت المادة حمراء وهكذا.. قال رب العزة: “أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا اَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ اَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالاَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ اَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ اِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ” [فاطر، 27-28].

جعل الله في خلايا الشبكية أصباغا تتفاعل مع أشعة الضوء، فالعصيات تتوفر على مادة -Rhodopsine- والمخاريطتتوفر على مادة -Iodopsine- المخاريط الزرقاء تتفاعل مع الموجات ذات الطول 420 نم، والخضراء مع الموجات ذات الطول 530 نم والحمراء مع موجات ذات الطول560 نم. عند تهييج نوعان من المخرايط في نفس الوقت تحول العين هذا التفاعل إلى سيالة عصبية تترجم إلى الألوان الأخرى، فمثلا عند تهييج المخاريط الحمراء والخضراء في نفس الوقت وبنفس الشدة نشاهد اللون الأصفر.

لقد جعل الله سبحانه وتعالى اللون ظاهرة تمكن الإنسان من التمييز بين الأشياء، فلولا الألوان لكانت الأشياء متطابقة قال مولانا الكريم: “وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الاَرْضِ مُخْتَلِفًا اَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ ءَلاَيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ” [النحل، 13].

المراجع

1. عدنان الشريف، من علم الطب القرآني: الثوابت العلمية في القرآن الكريم، دار العلم للملايين، الطبعة الأولى 1990.

2. عرفان يلماز، أنا عين عبد الله، مجلة حراء، العدد 6، يناير-مارس 2007.

3. Elaine N.Marieb, Katja Hoehn, Anatomie et physiologie humaine, Nouveau horizons, 8e édition américaine2010.

أرسل تعليق