وسائل إثبات النسب أو نفيه في ظل التطورات البيولوجية المعاصرة.. (12)
[حالات انفصام الزوجية]
1. حالة موت الزوج
وصورة ذلك أن يحتفظ بماء الزوج في بنك من بنوك المني، وبعد موته تلقح زوجته بمائه. وقد وقعت بالفعل مشكلة من هذا النوع حيث ذكرت جريدة أخبار العالم الإسلامــــي قصــــة امــــرأة تدعــي “سوني بالمر” تبلغ 23 عاما مات زوجها بالسرطان، ولها منه ابن واحد، لكن الرجل حين عرف بمرضه الخطير أودع في البنوك المختصة كمية من الحيوانات المنوية حفظت، لتستعمل في العلم في المستقبل وإجراء التجارب، غير أن زوجته طالبت بتلقيحها بحيوان منوي من زوجها المتوفى لتنجب أبناء آخرين له كما اتفقا قبل الزواج أن ينجبا أربعة أولاد، ومستشفى سان ماري تقول إن الرجل أودع كمية من الحيوانات المنوية للتجارب الطبية ولكنه لم يشترط[1] أن تستخدم في تلقيح زوجته بالذات، ولم يشر إلى هذا الاحتمال، ولكن الزوجة تصر في دعواها على حقها في ذلك، وقد أحيلت المسألة على لجنة أخلاقية لتقرر ما يجب أن يكون. وأمام هذا الفراغ التشريعي الغربي فإن مبادئ الشريعة واضحة، ذلك أن هذا الأسلوب غير جائز من الناحية الشرعية لأن الزوجية قد انفصمت بالموت.
2. حالة موت الزوجين معا
بما أن الأطباء في مركز التلقيح الصناعي الخارجي ينبهون المبيض لإفراز عدد وفير من البويضات، فإن الأطباء يحصلون عادة على عدد وفير من البويضات من كل امرأة، ويقوم الطبيب بتلقيح هذه البويضات وتنميتها، وعادة ما يقوم الطبيب بإعادة اثنين أو ثلاثة من هذه الأجنة إلى الرحم، بينما يحتفظ بالأجنة الفائضة.
وقد يحدث أن يموت الزوج أو الزوجين معا، أو يطلقان فما هو مصير الأجنة الفائضة؟
وقد وقعت هذه القضية لزوجيين ثريين في الولايات المتحدة ذهبا إلى أستراليا لإنجاب طفل بواسطة مشروع التلقيح الصناعي الخارجي لطفل الأنبوب. وعندما أخفقت المحاولة الأولى رجع الزوجان إلى الولايات المتحدة بعد أن احتفظ لهما الأطباء ببويضتين ملقحتين في مرحلة التوثة (جنيين مجمدين) على أن يعودا في وقت لاحق لإعادة الكرة، وحدث أن سقطت الطائرة ومات الزوجان في الحادث ولهما ثروة طائلة ولم يكن لهما وارث، ووصلت القضية إلى المحاكــم في أستراليـــا[2] التي حكمت باستنبات الجنينين بواسطة الأم المستعارة وذلك عام 1984. وهذه الحالة مرفوضة من الناحية الشرعية لأن عقد الزوجية ينتهي حتما بموت أحد الزوجين، فما بالك بموت الزوجين معا.
3. حالة الطلاق
وقد وقعت قضية من هذا النوع هزت الرأي العام الأمريكي[3] حيث قرر شابان-وهما “جي أرو” و”ماريسو” وهما مزارعان نظرا لاشتغالهما في الخدمة العسكرية- وضع سبع أجنة ملقحة في الأنابيب في بنك متخصص لحفظها حتى وقت الحاجة إلى الإنجاب، وتجنبا لأي طارئ قد يمنع الزوج أو الزوجة من الإنجاب الطبيعي.
وقد ساءت الحياة الزوجية بين الزوجين بعد تسع سنوات، واتفقا على الطلاق، واقتسما ممتلكات الزوج المنقولة وغير المنقولة، ولكن كان الاختلاف حول مصير الأجنة المجمدة؛ ولأن هذه القضية تعتبر الأولى من نوعها في العالم، فقد تحولت إلى مشكلة قانونية سببها ثغرة في قانون الأحوال الشخصية الأمريكي، مما جعل القاضي يؤجل البث فيها عدة مرات لصعوبة التوصل إلى حكم عادل يستند إلى مادة قانونية صريحة تبين ما هو الوضع القانوني للأجنة المجمدة في حال طلاق الزوجين، ومن له الحق في التصرف في هذه الأجنة[4].
يتبع في العدد المقبل…
———————————
1. وهذا يعني أن الزوج إذا اشترط ذلك وقع التلقيح، وقد وقع بالفعل أن أنجبت كيم سالي عام 1987 طفلا من زوجها المتوفى إثر تلقيحها بالحيوان المنوي المحفوظ في أحد البنوك، جريدة العالم الإسلامي، العدد 1157 السنة الخامسة والعشرون، ص: 7، بكر أبو زيد، مرجع سابق، ص : 268.
2. محمد علي البار “القضايا الخلقية“، مرجع سابق، ص: 84.
3. جريدة أخبار العالم الإسلامي، مرجع سابق، ص: 7.
4. وهل يجوز قتلها أم أن ذلك يدخل في نطاق الجريمة ضد نفس بشرية حتى وإن كان عمرها 48 ساعة فقط؟ يقول “كوجون” أستاذ علم الوراثة إن الحياة تبدأ منذ اللحظة الأولى للتلقيح وإن المرأة التي يتم تلقيح بويضتها في الأنبوب تعتبر قانونيا حامل حتى وإن كانت النطفة الملحقة خارج الرحم ومجمدة في المختبر – أخبار العالم الإسلامي، مرجع سابق، ص: 7.
أرسل تعليق