نحن والميراث النبوي (1)
قال الله تباركت أسماؤه: “ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيئين، وكان الله بكل شيء عليما” [الاَحزاب، 40]، وقال: “اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا” [المائدة، 3].
غاية الإنسان المؤمن في صلته بالله تعالى أن يخرج كمالات نفسه، بمعنى أن يبذل في هذه الحياة كل ما لديه من جهد فكري وعملي في سياق تفاعله مع السنن الكونية والتاريخية، وهذا هو معنى الابتلاء؛ فالمؤمن مبتلى بأن يبذل كل طاقاته، وأن ينطلق بكامل قواه، وأن يدفع بها إلى غاياتها الفكرية والعملية. أعتقد أن هذا هو أساس المنهج النبوي، ولباب الميراث النبوي المبارك.
إن نبينا صلى الله عليه وسلم قد غرس هذه الشجرة المباركة في حياته وحياة أصحابه، فنمت وترعرعت وأثمرت أروع وأعظم الحضارات التي عرفها التاريخ الإنساني… حضارة بلغت من الرشد والسمو والتألق أنها أسرت عقول كثير من الشعوب في العالم، وارتفعت بكثير من الأمم إلى مدارج الكمال المعنوي، ومنحت أرواحهم وتجاربهم معنى الرشد والاستقامة وجوهر الإنسانية.
ومع وفاة نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم؛ فإن سلسلة النبوة قد ختمت، وأغلقت أبواب السماء، وانقطع الوحي المبارك، ومن ثم أضحى لزاما على الإنسان إذا أراد أن يرتوي من منهل الوحي، أن ينظر ويجتهد ويتفكر فيما وصل إليه من ميراث النبوة: “قل اِنما أعظكم بواحدة اَن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا” [سبأ، 46]، “وقالوا لولا أنزل عليه ءايات من ربه قل اِنما الاَيات عند الله وإنما أنا نذير مبين، اَو لم يكفهم أَنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يومنون” [العنكبوت، 50-51].
فإذن، ختم النبوة يعني فاتحة عهد جديد عنوانه ومبدأه الانتقال من مدركات الحس إلى علوم الحكمة التي تتحصل بتوسيع قاعدة الفهم للعلاقات بين الأشياء والظواهر والأحداث، وتأمل آيات الله في حركة الطبيعة والتاريخ.
• فلذلك، انكمشت آيات الخوارق الغيبية في رسالة نبينا صلى الله عليه وسلم، وأعطي عوضا عنها النبوة والحكمة في أبهى تجلياتها وأسمى معانيها: “هو الذي بعث في الاُميين رسولا منهم يتلو عليهم ءاياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة، وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين” [الجمعة، 2].
• ومن جهة أخرى؛ فإن الميراث النبوي المحمدي هو فاتحة عهد الإنسان العالمي الذي ورث عنه الحكمة بمدلولها الكوني الواسع المستمر في التاريخ البشري: “والذي أوحينا إليك من الكتاب هو الحق مصدقا لما بين يديه إن الله بعباده لخبير بصير ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا، فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير” [فاطر، 31]، فالميراث المحمدي من هذه الجهة هدى ودليل الإنسانية العالمية لتعرف طريقها إلى النضج والرشد من خلال التعامل مع السنن الموضوعية، ولتكشف آيات الله في الآفاق والأنفس، وفي المادة والحركة… إنها من أعظم المراحل غنى وثراء في التاريخ الإيماني للبشرية، وقد جاء افتتاح هذه المرحلة بكلمة (اقرأ) وانتهت إلى الجمع بين قراءة الكتاب وقراءة الكون؛ وهذه إحدى حقائق الدين الخاتم البارزة… وحقيقة هذا الميراث الذي ورثته الأمة عن نبيها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فعلاقتنا به عليه الصلاة والسلام علاقة توريث يتفاعل فيها وحي الكتاب مع ملابسات الظرف الزمني النسبي لكل واحد سواء كان شخصا أو مجتمعا أو أمة..
يُتبع
غاية الإنسان المؤمن في صلته بالله تعالى أن يخرج كمالات نفسه، بمعنى أن يبذل في هذه الحياة كل ما لديه من جهد فكري وعملي في سياق تفاعله مع السنن الكونية والتاريخية، وهذا هو معنى الابتلاء؛ فالمؤمن مبتلى بأن يبذل كل طاقاته، وأن ينطلق بكامل قواه، وأن يدفع بها إلى غاياتها الفكرية والعملية. أعتقد أن هذا هو أساس المنهج النبوي، ولباب الميراث النبوي المبارك.
إن نبينا صلى الله عليه وسلم قد غرس هذه الشجرة المباركة في حياته وحياة أصحابه، فنمت وترعرعت وأثمرت أروع وأعظم الحضارات التي عرفها التاريخ الإنساني… حضارة بلغت من الرشد والسمو والتألق أنها أسرت عقول كثير من الشعوب في العالم، وارتفعت بكثير من الأمم إلى مدارج الكمال المعنوي، ومنحت أرواحهم وتجاربهم معنى الرشد والاستقامة وجوهر الإنسانية.
ومع وفاة نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم؛ فإن سلسلة النبوة قد ختمت، وأغلقت أبواب السماء، وانقطع الوحي المبارك، ومن ثم أضحى لزاما على الإنسان إذا أراد أن يرتوي من منهل الوحي، أن ينظر ويجتهد ويتفكر فيما وصل إليه من ميراث النبوة: “قل اِنما أعظكم بواحدة اَن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا” [سبأ، 46]، “وقالوا لولا أنزل عليه ءايات من ربه قل اِنما الاَيات عند الله وإنما أنا نذير مبين، اَو لم يكفهم أَنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يومنون” [العنكبوت، 50-51].
فإذن، ختم النبوة يعني فاتحة عهد جديد عنوانه ومبدأه الانتقال من مدركات الحس إلى علوم الحكمة التي تتحصل بتوسيع قاعدة الفهم للعلاقات بين الأشياء والظواهر والأحداث، وتأمل آيات الله في حركة الطبيعة والتاريخ.
• فلذلك، انكمشت آيات الخوارق الغيبية في رسالة نبينا صلى الله عليه وسلم، وأعطي عوضا عنها النبوة والحكمة في أبهى تجلياتها وأسمى معانيها: “هو الذي بعث في الاُميين رسولا منهم يتلو عليهم ءاياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة، وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين” [الجمعة، 2].
• ومن جهة أخرى؛ فإن الميراث النبوي المحمدي هو فاتحة عهد الإنسان العالمي الذي ورث عنه الحكمة بمدلولها الكوني الواسع المستمر في التاريخ البشري: “والذي أوحينا إليك من الكتاب هو الحق مصدقا لما بين يديه إن الله بعباده لخبير بصير ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا، فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير” [فاطر، 31]، فالميراث المحمدي من هذه الجهة هدى ودليل الإنسانية العالمية لتعرف طريقها إلى النضج والرشد من خلال التعامل مع السنن الموضوعية، ولتكشف آيات الله في الآفاق والأنفس، وفي المادة والحركة… إنها من أعظم المراحل غنى وثراء في التاريخ الإيماني للبشرية، وقد جاء افتتاح هذه المرحلة بكلمة (اقرأ) وانتهت إلى الجمع بين قراءة الكتاب وقراءة الكون؛ وهذه إحدى حقائق الدين الخاتم البارزة… وحقيقة هذا الميراث الذي ورثته الأمة عن نبيها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فعلاقتنا به عليه الصلاة والسلام علاقة توريث يتفاعل فيها وحي الكتاب مع ملابسات الظرف الزمني النسبي لكل واحد سواء كان شخصا أو مجتمعا أو أمة..
يُتبع
أرسل تعليق