نحن والأطفال
إن الأطفال في المجتمع من أهم طبقات الناس، هم مستقبل هذا المجتمع، وعناصر الإنتاج فيه، فحظهم من العناية والرعاية يجب أن يتناسب في المجتمع مع خطر مكانهم ومكانتهم.
والإسلام الذي أحاط الأطفال في المجتمع الإسلامي والإنساني بكل رعاية وعناية بزمن طويل، قبل أن تعرف الدنيا ما هي حقوق الأطفال، وقبل أن تطلع على الدنيا هيئة الأمم المتحدة لحقوق الطفل بما يقارب خمسة عشر قرنا من الزمن، ذلكم لأن الأسرة المسلمة لا تستأهل أن توصف بأنها مسلمة إلا إذا وضعت في اعتبارها أن تعمل على تربية أطفالها بتربية الإسلام.
وتتضح في هؤلاء الأطفال القيم الإسلامية في كل ما يمارسونه من قول وصمت وعمل وترك، وإن هذه القيم لن تتوفر في الأطفال إلا إذا كانت هدفا من أهداف الأسرة المسلمة، التي ينشأ فيها هؤلاء الأطفال، كالقدوة مثلا وأعني بها أن يعطي الآباء والأمهات والإخوة والأخوات الكبار القدوة من أنفسهم لأطفالهم في التمسك بأهداب الإسلام وآدابه في الأقوال والأفعال.
والقيم الأخلاقية مهما كانت عالية رفيعة ومهما بذلت الجهود في الإقناع بها والتشجيع على التمسك بها تبقى قيم أخلاقية نظرية، أما إذا خرجت إلى حيز الوجود متمثلة في إنسان يتحلى بها ويكون قدوة للآخرين فيها، فإنها آنذاك تدخل مجال التطبيق والتنفيذ، وخير شاهد على ذلك سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان قدوة للمسلمين وإسوة حسنة يتأسى بهديه وسلوكه المسلمون جميعا، قال تعالى: “لقد كان لكم في رسول الله إسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا” [سورة الأحزاب، الآية:21].
والأسرة المسلمة مسؤولة أمام الله عن أطفالها الذين يشبون في رعايتها، فعليها أن تعد هؤلاء الأطفال متعاونة في ذلك مع المسجد والمدرسة والجيران، ثم تدفع بهم إلى المجتمع ليمارسوا حياتهم، وما يناط بهم من أعمال، وقد تسلحوا بأخلاق الإسلام القادرة وحدها أن تضمن للمجتمع كله حياة سعيدة ناجحة تحقق مصالح الدنيا والآخرة.
وهذه الأخلاق أود أن أجملها هنا في كلمتين:
• أداء الواجبات.
• ممارسة الحقوق.
والواجبات نوعان: شرعية وعقلية، وهذه الواجبات تتفرع إلى ما يلي: نحو الله سبحانه وتعالى ونحو دين الإسلام، ونحو الوالدين والأسرة، ونحو جميع المسلمين ونحو المجتمع برمته مسلمين وغير مسلمين، ونحو الإنسانية كلها والعالم بأسره.
لذا علينا جميعا آباء وأمهات وأقارب ومربين أن نوجه الأطفال نحو التفوق والإجادة ونحو ممارسة الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ودعوة الأطفال إلى الله تعني الدعوة إلى الحق والخير والإحسان، وإعمار هذه الأرض بالعلم والعمل والتعارف بين الناس، والعمل على بث روح التعاون والتكاتف بين الناس والتواصي بالحق والتواصي بالصبر، وإقرار العدل على مستوياته كلها مع الله ومع النفس ومع الناس، والامتناع عن كل شر أو منكر، والابتعاد عن كل باطل أو ظلم أو إهمال، والامتناع عن كل ما يعود على الناس بالضرر في دينهم ودنياهم.
وحينما نوجه الأطفال إلى الدعوة إلى الله في الشارع علينا أن نعلمهم الالتزام بأدب الإسلام في التعامل مع الناس جميعا.
وأدب الإسلام في الشارع يبدأ بغض البصر عن المحارم وإمساك اللسان عن أي لفظ غير لائق وإماطة الأذى عن الطريق، فلا يجوز بحال أن نترك أطفالنا لإفساد المرافق أو أي شيء من وسائل التجميل أو التشجير، وإنما يجب أن تحظى هذه الأشياء بالرعاية والعناية ما أمكن، وأن نفهم الأطفال الاهتمام بالحديقة العامة والنادي الرياضي أو الاجتماعي أو الثقافي ووسائل المواصلات ووسائل الاتصال، وكل مرفق عمومي؛ لأن الإسلام جاء ليعلم الأطفال والكبار المسؤولية نحو المجتمع الذي يعيشون فيه وأن الله سائلهم، فضلا عن عقابهم على الإهمال والإفساد. فالمجتمع الإسلامي مجتمع الانضباط، مجتمع القيم والضوابط، المجتمع الراشد المستقيم على صراط الله.
وختاما علينا أن نغرس في أطفالنا الحكمة للكلمة اللينة الطيبة الهادفة التي لا تجرح شعورا ولا تخدش عرضا والمناقشة والحوار بالتي هي أحسن بقصد الوصول إلى الحق وليس الجدل والمراء قال تعالى: “الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون” [سورة الاَنعام، الآية: 82].
والله الهادي إلى الصوا
أرسل تعليق