“نادي العمران” ينظم لقاءا مع الأستاذ لحسن تاوشيخت حول تاريخ الحضارة المغربية
نظم نادي “العمران“، بمجلة الفطرة، زوال أمس الأربعاء، بمقر الرابطة المحمدية للعلماء، بساحة الشهداء، بالرباط، لقاء تواصليا مع فضيلة الدكتور لحسن تاوشيخت، أستاذ العمارة الإسلامية والأركيولوجيا وعلم الآثار كلية الآداب والعلوم الإنسانية – جامعة محمد الخامس، حول ” تاريخ الحضارة المغربية وخصائصها“، بحضور عدد من أطفال المؤسسات التعليمية.
وافتتحت التلميذة أسماء أكرض، هذا اللقاء بآيات بينات من الذكر الحكيم، قبل أن تلقي التلميذة فتيحة غازي، كلمة باسم “وحدة الفطرة“، قدمت خلالها نبذة موجزة عن الدكتور لحسن تاوشيخت، مضيفة أن اللقاء المنظم يندرج في إطار مجهودات “وحدة الفطرة” لتقريب تاريخ المغرب وحضارته من الناشئة، وتعريفهم بأهم خصائصها التي جعلت منها اليوم حضارة غنية بمورثها الثقافي.
بعد ذلك تناول الكلمة، الدكتور لحسن تاوشيخت، الذي أشاد بالدور الذي تضطلع به “وحدة الفطرة“، برئاسة الأستاذة عزيزة بزامي، ومن خلالها كل أفراد طاقم الوحدة في سبيل تقريب تاريخ بلادنا من الناشئة، وتعريفهم بتميز حضارة بلدهم بين حضارات الأمم الأخرى، مشددا في هذا الصدد على أهمية مثل هذه الأنشطة الموازية في تكوين شخصية الأطفال، وإخراجهم من الروتين الدراسي، وصقل مواهبهم في مختلف المجالات.
ولدى تعريفه لمفهوم “الحضارة“، أوضح الأستاذ المحاضر، أن الحضارة يقصد بها كل ما خلفه الإنسان على وجه الأرض سواء كان ماديا أو غير ماديا، ويدخل في هذا النطاق : الفنون، الأشعار، الثقافة، وغيرها من الطقوس والتعابير الثقافية..، كما يقصد بالحضارة أيضا، يردف المتحدث، “بناء كل شعب وجماعة، وفرد“، مشيرا إلى أن كل الشعوب أسهمت في بناء الحضارة الإنسانية، وأن الأمر عملية تراكمية بين جماعات الأفراد والمجتمعات، ولا يمكن إسناد بناء حضارة لأمة دون أخرى“.
وسلط الدكتور لحسن تاوشيخت الضوء على أهم الفترات التي مرت منها الحضارة الإسلامية في المغرب، وأهم الدول التي تعاقبت على تاريخ المملكة، حيث أوضح أنها بدأت مع الممالك الأمازيغية، وعهد الرومان والقرطاجيين، والفتوحات الإسلامية مع عهد عقبة بن نافع، وصولا إلى عهد دولة الأدارسة الذين تميزت فترتهم ببناء جامع القرويين بفاس، وجامع الأندلس.
أما الدولة المرابطية التي اتخذت من مدينة مراكش عاصمة لها، فقد تميزت فترة حكمها بتشييد مسجد الكتبية، وبناء عديد من المآثر التاريخية التي لازالت ماثلة إلى اليوم، في حين تميزت فترة حكم الموحدين ببناء مسجد “تنمل” بنواحي مدينة مراكش، وتمكنوا من تأسيس دولة قوية امتدت من الصحراء إلى الأندلس، واتخذت من الرباط عاصمة لها.
بعد المرابطين، سيأتي دور الدولة المرينية، التي اتخذت العاصمة العلمية فاس مهدا لها، ولحركتها العلمية والثقافية، لتخلف العديد من الآثار التي لازالت شاهدة على هذه الفترة كـ: “المدرسة البوعنانية بسلا، وغيرها من الجوامع والمدارس في عدد من المدن المغربية.
وأشار الأستاذ المحاضر، إلى أن الوطاسيين لم يحكموا إلا فترة صغيرة بسبب التهافت الاستعماري الذي اشتد على المغرب في فترة حكمهم، ليأتي الدور فيما بعد على دولة السعديين، التي انطلقت من مدينة تارودانت، وأسسوا لهم دولة كبيرة بعد انتصارهم في معركة “وادي المخازن” الشهيرة.
وأبرز الدكتور لحسن تاوشيخت، أن الدولة العلوية استطاعت تكوين دولة مغربية قوية وحديثة، تعاقب عليها عدد من الملوك بدء بالمولى سليمان مرورا بالمغفور له جلالة الملك الحسن الثاني، طيب الله ثراه، وصولا إلى عهد الملك محمد السادس، نصره الله وأيده، والذي تميزت فترة حكمه بنهضة تنموية وثقافية جعلت بلدنا في مصاف الدول المتقدمة.
وأبرز أستاذ العمارة الإسلامية والأركيولوجيا وعلم الآثار بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، أن المغرب بلد له تاريخ وحضارة تمتد جذورها إلى الدولة الإسلامية، والتي تتجلى في العمران، والمباني، والمعالم التاريخية التي لازالت تشهد على غنى وتنوع حضارة المغرب.
وقال الدكتور لحسن تاوشيخت، إن “تميز الحضارة المغربية يتضح من خلال مجموعة من التعابير الثقافية كـ: القصور، المباني، الفنون، الصناعة التقليدية، وفي عملية سك النقود، والمخطوطات“، داعيا إلى “الحفاظ على حضارتنا المغربية المتنوعة والغنية، وضمان استمراريتها، مع الأجيال المقبلة التي يعول عليها لحمل مشعل حضارة المغرب الضاربة في أعمال التاريخ“، يقول المتحدث.
ويشغل الأستاذ لحسن تاوشيخت، الحاصل على دكتوراه الدولة في العمارة الإسلامية، من جامعة محمد الخامس الرباط، وعلى دكتوراه فرنسية حول خزف سجلماسة، من جامعة “مارسيليا 1″ بفرنسا، منصب أستاذ العمارة الإسلامية والأركيولوجيا وعلم الآثار، بجامعة محمد الخامس الرباط، كما كان يشغل أيضا منصب رئيس قطب المحافظة وتدبير المجموعات بالمكتبة الوطنية للمملكة المغربية.
المحجوب داسع
أرسل تعليق