مولاي علي الشريف، قطب تافيلالت ورمزها الشامخ.. (1)
يعتبر مولاي علي الشريف شخصية فذة تألقت في دروب العلم والجهاد والزهد، وشاعت أنوارها أصقاعا مختلفة انطلاقا من ربوع الأندلس إلى تخوم بلاد السودان ومن المحيط إلى الخليج. واعتبارا لأهمية هذه الشخصية المتميزة فقد كان لها الفضل في قيام الدولة العلوية الشريفة التي أعادت للمغرب وحدته واستقراره ومجده، كما أحيت سنة النبي في نشر الإسلام ومحاربة البدع والكفر كما جددت دين هذه الأمة من خلال التمسك بخلق القرآن والزهد عن الدنيا فضلا عن تعميم نور العلم ومقاومة الجهل. لهذه الأسباب أثرت شخصية هذا الرجل العظيم على معاصريه فكتبوا عنه المؤلفات الكثيرة التي ضاع أغلبها مع الأسف، كما ظلت عالقة بأذهان اللاحقين الذين رابطوا بزاويته العامرة وبضريحه الطاهر، فأحيوا أثره ودعوا له بالمغفرة والثواب.
كانت ولادة القطب الرباني مولاي علي الشريف حوالي سنة 762 هجرية / 1362 ميلادية، استوطن مدينة سجلماسة حيث اشترى بها دورا قرب الباب المسمى بالزعفران ونال بهذه المدينة ثروة عظيمة بفضل التجارة. وكان رجلا صالحا وعالما ومجاهدا استوطن بعض الوقت بحومة جزاء ابن عامر من عدوة القرويين بفاس وكذلك بمدينة صفرو وجاهد بالأندلس عدة مرات، كما عمل على نشر الإسلام بإفريقيا جنوب الصحراء وخاصة بمنطقة “أكَدج” وتخرج على يده عدة علماء من المغرب والأندلس والمشرق. توفي سنة 847 هجرية / 1446 ميلادية عن عمر يناهز 84 عاما ودفن أول الأمر بزاويته “الخلوة” الواقعة بقصبة تغمرت، قبل أن يُنقل جثمانه الطاهر إلى ضريحه الحالي في عهد سيدي محمد بن عبد الله[1].
يحاول هذا العرض إبراز شخصية مولاي علي الشريف من خلال بعض المخطوطات النادرة مثل “الجوهر الشفاف” لمؤلف فيلالي هو العربي بن عبد السلام بن أحمد المعروف بابن دفين طيبة الشريفة، ويوجد المخطوط بجامعة أكسفورد بإنجلترا ويرجع تاريخه إلى عصر السلطان مولاي إسماعيل، وتوجد نسخة منه بمركز الدراسات والبحوث العلوية بالريصاني. ومن باب المقارنة والإثراء أعتمد العرض في سرد بعض التفاصيل مثل “جهاد مولاي علي الشريف بالأندلس” على مخطوط “الجيش العرمرم الخماسي في دولة أولاد علي السجلماسي” لمؤلفه أبي عبد الله محمد بن أحمد أكنسوس القرشي المراكشي المتوفى عام 1294 هـ/1877م والمحفوظ بالمكتبة الوطنية للمملكة المغربية تحت رقم 83 د.
يتبع في العدد المقبل..
—————————————-
1. تاوشيخت، لحسن، عمران سجلماسة، دراسة تاريخية وأثرية. الدار البيضاء، مطبعة النجاح الجديدة، منشورات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية. جزءان 2008 الجزء الثاني، ص: 577.
أرسل تعليق