مولاي علي الشريف، قطب تافيلالت ورمزها الشامخ.. (3)
تتجلى أهمية المخطوط في كونه يؤرخ لبداية الدولة العلوية من عصر المولى الشريف بن علي إلى غاية عهد السلطان مولاي إسماعيل، وهي فترة مهمة من تاريخ المغرب لم تنل حضها من الدراسة كما هو الشأن للفترات السابقة أو اللاحقة. كما أن المخطوط لا يركز فقط على الأحداث التاريخية، بل يتناول أيضا مواضيع مختلفة ومتنوعة تهم الحياة السياسية والاجتماعية فضلا عن ذكر الأنساب والمناقب. كما يتضمن المخطوط مجموعة من الوثائق المهمة منها 12 رسالة، إضافة إلى ذكره لبعض الأخبار التي نجدها في مصادر معاصرة مثل: خبر نزاع أهل سجلماسة حول مكان دفن مولاي الحسن الداخل كما جاء عند أكنسوس[1]، أو حديثه عن شخصية السلطان مولاي إسماعيل كما جاء أيضا عند الأسير مويط[2]، أو وصفه لمعركة القاعة التي دارت بين مولاي أمحمد ومحمد الحاج الدلائي كما جاء عند الضعيف الرباطي: “وذكر ابن دفين طيبة بعض أخبار هذه الواقعة وأطنب فيها ولكني اختصرتها.. “[3].
يبدأ المؤلف كتابه بتمجيد آل البيت ويبين منزلتهم عند الله وتبيان صلتهم بالرسول صلى الله عليه وسلم ويذكر سبب إقدامه على تأليفه هذا الكتاب، ثم يعرض لمجيء مولاي الحسن بن القاسم إلى سجلماسة والمتاعب التي اعترضت ذريته في بداية استقرارهم. وينفرد المؤلف بذكر تفصيلا وتدقيقا ذرية مولاي علي الشريف وكذا الأماكن التي استقرت بها، كما يعرض في نفس الوقت لبعض كرامات مولاي علي الشريف واستنجاد أهل الأندلس به وعبوره إليهم ثم رجوعه. كما تناول المؤلف الحديث عن مولاي الشريف بن علي وأولاده السلاطين الثلاثة مع إيراد بعض القصص المليئة بالكرامات، كما يقدم المؤلف مجموعة من الرسائل الصادرة من السلطان مولاي إسماعيل أو الواردة إليه ويبلغ عددها اثني عشر، فضلا عن قصيدة شعرية طويلة في تسلسل الشرفاء وأخرى في مدح السلطان مولاي إسماعيل. وفي الختام يرد قصة اتصال أسرته بالعلويين السجلماسيين منذ مولاي علي الشريف وإلى عهد مولاي إسماعيل مذكرا ببعض الخدمات التي قدمها أجداده للعلويين، وكذا تمسكهم بمحبتهم كما يرد عدة أشعار كلها شكوى من خصومه بقصر آبار وأولاد عبد الرفيع من لا يخاف، فضلا عن رسالة في الموضوع نفسه سماها “رسالة الألسنة الماضية في نحور الشرذمة الباغية“.
يتبع في العدد المقبل..
———————————————————–
1. كنسوس، أبي عبد الله محمد بن أحمد المراكشي: الجيش العرمرم، مصدر سابق، ص: 68.
2. مركز الدارسات والبحوث العلوية: رحلة الأسير مويط، دراسة وتحقيق محمد حجي والأخضر غزال. الرباط دار المناهل 1990، ص: 75.
3. الرباطي، الضعيف: تاريخ الدولة السعيدة. الدار البيضاء الطبعة الأولى 1988 الجزء الأول، ص: 99.
أرسل تعليق