من غرائب حفظ المغاربة والأندلسيين لكتب الحديث [28]
عبد الله بن الصديق
هذا هو المقال الثامن والعشرون من هذه السلسلة المعنونة بـ “من غرائب حفظ المغاربة والأندلسيين لكتب الحديث”، وشخصية هذا الجزء آخر من أدركناه من أهل الحديث المتفننين ذوي الاطلاع الواسع، والذهن المتقد، وهو الإمام العلامة المحدث الناقد سيدي عبد الله بن الصديق الغماري رحمه الله، سلك سبيل أخيه سيدي أحمد بن الصديق في الاشتغال بالحديث، واعتنى به عناية تامة في المغرب ومصر، وقرأ جملة وافرة جدا من كتب هذا العلم بمتنوع فنونه مخطوطا ومطبوعا، وقد أورثته مداومةُ الاشتغال قوة الاستحضار، وكان مرجوعا إليه في هذا الفن شرقا وغربا، وقد رأيت كثيرا مما كان يرد عليه من المشرق مما يتعلق بالحديث: سؤالا يطلب الجواب، أو بحثا يستدعي التقويم، وأثنى عليه بالمعرفة بالحديث -رغم الخلاف في المشرب- محدث كبير ذو الاطلاع الواسع، والمعرفة التامة بهذا الشأن الشيخ محمد ناصر الدين الألباني، والعلامة المحدث المطلع الشيخ حماد الأنصاري، رحمهما الله.
كما قد صرح كثير من المشتغلين بالحديث بأنهم عرضوا جملة من أبحاثهم عليه، منهم الشيخ الأستاذ عبد الفتاح أبو غدة رحمه الله، وذلك ثقة بنفاذ بصره، ودقة نقده، وسعة اطلاعه، وقوة استحضاره.
وقد كنا نسأله أو يُسأل ونحن حضور كثيرا عن حال بعض الأحاديث من حيث الثبوت وعدمه، فيجيب جواب رجل مكين الاستحضار، وكذلك كان في دروسه الخاص منها والعام.
وقد ترجمه جماعة من أهل المشرق والمغرب، فأقروا له بالتقدم، وأثنوا عليه بالاستحضار، ووضع هو نفسه رحمه الله لنفسه ترجمة سماها: “سبيل التوفيق في ترجمة عبد الله بن الصديق”، ذكر جملة صالحة مما يدل على هذا، ونظرا لعدم اتساع مجال هذا المقال لجلب النصوص، ونقل الأقوال؛ فإنني سأرجئ ذلك إلى المقال المقبل بإذن الله.
أرسل تعليق