Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

من غرائب حفظ المغاربة والأندلسيين لكتب الحديث (17)

      هذا هو المقال السابع عشر من هذه السلسلة التي عنونتها بـ: “من غرائب حفظ المغاربة والأندلسيين لكتب الحديث”، وأحب في هذا الجزء قبل أن أورد نصاب هذا المقال من حفاظ كتب الحديث من أهل هذه الجهة الغربية أن أمهد لذلك بتمهيد على العادة الجارية في جميع مقالات هذه السلسلة، فأقول:

      إن العناية بصحيح الإمام البخاري بالمغرب لم تكن على بلدٍ من بلدانه مقصورة، ولا بعصرٍ من عصور تاريخه محصورة، بل إن هذه العناية شاعت حيثُ وُجدت معاهدُ العلم وأئمة الدرس شرقا وغربا، شمالا وجنوبا، وهذا الشيوع لهذه العناية بالصحيح في أزمان متتالية وأمصار متباعدة، ينبئ بأن الصحيح كان بالمغرب مِن كتب الدرس والتعليم، وأنّ إملاءه لم يكن إملاء تبركٍ صرف، خصوصا إذا عُلم أن علماءنا الحفاظ لهذا الصحيح ما كانوا يحفظونه حفظَ مقيمٍ للألفاظ فقط، وإنما كانوا يحفظونه علاوة على ذلك حفظَ العارف بما فيه من المعاني والغريب، وهذا الأمر نتيجة درس وتعليم، كما أن ما حُلي به حُفاظ الصحيحِ من الألقاب العلمية الضخمة، كالتبحر في الفقه والحديث، والمعرفة بالفرائض والحساب، وإتقان النحو والعربية، ونحو هذا مُعربٌ عن علو كعب الطبقةِ التي دخل في دائرة استحضارِها حفظُ الصحيح، وهو كالذي سبق دالٌّ على كون هذا الكتاب كان من كتب الدرس والتعليم.

      ونحن في هذا الجزء من هذه السلسلة تجاه نموذجين من المغاربة الحفاظِ للصحيح، أولهما مراكشي، وثانيهما سَلَوي، فأما المراكشي فهو الشيخ أحمد المتوكي (بالكاف المعقودة) المصلوحي (كان حيا عام 1270)، وقد حلاه العلامة المؤرخ السيد العباس بن إبراهيم التعارجي بألقاب علمية كبيرة فقال: “الفقيه العلامة الحافظ، كان فقيها فرضيا محدثا حيسوبيا”[1]، ثم نص على حفظه للجامع الصحيح فقال: “يحفظ البخاري”[2].

      وأما السلوي فإنه الشيخ محمد بن سعيد السلوي، وهو متأخر، قال فيه المؤرخ السيد العباس بن إبراهيم: “كان سريع المراجعة والكتابة، حسن النطق بالحديث، يستحضر غالب الصحيح”[3]، وأما ما حلاه به من الألقاب العلمية فهو قوله: “المحدث الفقيه النحوي”[4]، مات رحمه الله حاجا، قال المؤرخ التعارجي: “توفي محرما، ودفن بالمعلاة بمكة بعد أن سافر من المغرب بأهله لما وقع الاحتلال بالدار البيضاء”[5].

      فهذان الإمامان رحمهما الله ذُكر أولهما بالحفظ للبخاري، وثانيهما باستحضار غالبه، وهما من متأخري أئمتنا، وذلك مُشْعر باتصال العناية بالبخاري حفظا، واهتماما بمعاني ما فيه قرونا متصلة، واستمر ذلك إلى هذه الأعصر المتأخرة.

    يتبع إن شاء الله تعالى

——————————-

  1.  “الإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام”،  2/421.

  2.  “الإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام”، 2/421.

  3.  “الإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام”، 7/144.

  4.  “الإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام”، 7/144.

  5.  “الإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام”، 7/144.

أرسل تعليق