مفهوم الاستدلال الحجاجي.. (6)
أما عن صلة الحجاج باللغة، فيرى ميشال ميير: “Michel Meyer” أن الالتباس الذي يميز الخطاب الطبيعي يعتبر مكونا جوهريا للحجاج، مما يعني ارتباط هذا الأخير بالمقام التداولي أشد ارتباط[1].
وناقش مسألة الإلزامية في الحجاج موضحا أن للإلزام قيمة تداولية ترجع إلى مقام التناظر أو التساؤل، بل إن استعمال اللغة باعتبارها مستند الممارسة الحجاجية ليس إلا لحل مشكل أو للجواب عن سؤال، سؤال مضمر أو صريح يدخل فيه الغير في علاقات متفاعلة[2].
أما بيرلمان “CH. Perelman” فيرى أن الحجاج هو كل ما يشمل مجال الخطاب بهدف الإقناع كيفما كانت طبيعة المتلقي وكيفما كان الموضوع المستهدف، غير أنه من الواضح أن الإقناع والاقتناع ليسا إلا نتائج للعلاقة بين الصريح والمضمر التي تتحدد من خلال الآخر[3].
وتعتبر القيم أساسا عمليا تنبني عليه الممارسة الحجاجية، “فنحن نستدعيها لكي نحمل المخاطب على القيام بأفعال معينة بدل أخرى، كمانستدعيها خصوصا من أجل تبرير تلك الأفعال بطريقة تجعل هذه الأفعال التي دعونا إليها مقبولة ومؤيدة من طرف الآخرين”[4].
كما يعتبر المقام أساسا خطابيا يساهم في بناء الحجاج وترتيب القيم، كما يساهم في توجيه هذا البناء وهذا الترتيب[5].
———————————————
1. Ibid, p 113.
2. M. Meyer, Problématologie et argumentation, HERMES, 15, 1995, p 145.
3. M. Meyer, Logique, language et argumentation, p 112.
4. CH. Perelman, Traité de l’argumentation, 4ème Ed, 1983, Ed de l’université de Bruxelles, p 99.
أرسل تعليق