Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

مفهوم الاستدلال الحجاجي.. (2)

الحاصل من التعاريف السالفة الذكر في العدد 154 من جريدة ميثاق الرابطة في ما يتعلق ببيان مفهوم الاستدلال الحجاجي فقد تبين بجلاء أن الاستدلال هو كل نص اقترنت عناصره بعلاقات استدلالية، “وحَدُّ العلاقة الاستدلالية أنها بنية تربط بين الصور المنطقية لعدد معين من جمل النص”[1].

مفهوم الاستدلال الحجاجي.. (2)

ويتنوع النص الاستدلالي من حيث ترتيب صوره إلى قسمين: القسم التدرجي الذي تكون فيه النتيجة مسبوقة بالمقدمات، والقسم التقهقري وهو ما كان بخلاف الأول.

أما من حيث الذكر والحذف فهناك القسم الإظهاري الذي تذكر فيه جميع الصور المنطقية المشكلة له، وهناك القسم الإضماري وهو ما طويت وأضمرت فيه بعض هذه الصور.

ومن حيث القيمة المنطقية نجد الصنف البرهاني وهو ما كانت علاقاته الاستدلالية قابلة للحساب الآلي، ونجد أخيرا الصنف الحجاجي -موضوع بحثنا- الذي تأبى العلاقات فيه الخضوع للحساب الصوري المجرد[2].

من خلال هذه المعطيات والتحديدات مجتمعة يتضح أن جوهر الاستدلال عمل انتقالي استنتاجي انبنائي، حيث يتخذ من القضايا المعلومة منطلقا بغية تحصيل قضايا أخرى كانت مجهولة قبل الطلب بل قد تكون معلومة لدى المستدل فيريد إثباتها استدلالا. ومعلوم القضايا أو الشواهد يطلق عليه في الاصطلاح المنطقي مقدمة، ومجهول القضايا أو الغوائب يسمى بالتالي أو النتيجة. وعليه يلزم في كل نظر واستدلال وجود معلوم (الشاهد) ومجهول (الغائب)، والناظر المستدل “إنما يطلب باستدلاله علم ما لم يعلم بأن يرده إلى ما علم وينتزع حكمه منه”[3].

وبناء على ما ذكر يتبين أن قوام الفعل الاستدلالي أمور ثلاثة أساسية هي:

1. طرفا العملية الاستدلالية وهما المقدمة كمعلوم وشاهد ثم النتيجة كمجهول وغائب؛

2. النقلة الذهنية المقومة للعملية الاستدلالية، حيث تكون المقدمات مصدر هذه النقلة وتكون النتيجة مقصدها؛

3. اقتران المقدمات بالنتيجة وترتب هذه الأخيرة على الأولى بموجب علاقة استدلالية موجهة تتخذ صورة لزومية، بمعنى أن النتيجة تلزم عن المقدمات أو أن المدلول لازم عن الدال، وهذا المعنى قرره شيخ الإسلام ابن تيمية بتمامه حيث قال: ” فالمقصود أن كل ما كان مستلزما لغيره بحيث يكون ملزوما له؛ فإنه يكون دليلا عليه وبرهانا له، سواء كانا وجوديين أو عدميين أو أحدهما وجوديا والآخر عدميا، فأبدا الدليل ملزوم للمدلول عليه ومدلول لازم للدليل[4]..

وقال في كتابه “درء تعارض العقل والنقل”: “كون الشيء دليلا على الشيء معناه انه يلزم من ثبوته ثبوته، والشيئان المتلازمان كل منهما يصلح أن يكون دليلا على الآخر[5].

ويمكن تقريب اللزوم المقوم للاستدلال بالصورة التالية:

دلــــيـــــل  Ü مــــدلــــول

حيث يشير الرمز(Ü) إلى علاقة اللزوم.

يتبع في العدد المقبل بحول الله تعالى..

——————————————————————-

1. في أصول الحوار  وتجديد علم الكلام، طه عبد الرحمان، ص 28، المؤسسة الحديثة للنشر والتوزيع، البيضاء، 1987.

2. في أصول الحوار وتجديد علم الكلام، ص: 28-29.

3. إحياء علوم الدين، الغزالي، 1/44، مطبعة لجنة نشر الثقافة الإسلامية، 1356هـ.

4. الرد على المنطقيين، ص: 250، دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت (د.ط.ت).

5. درء تعارض العقل والنقل، ص: 203، إعداد ودراسة الدكتور محمد السيد الجليند، ط 1، 1988، مركز الأهرام للترجمة والنشر.

أرسل تعليق