محاور التأسي في القرآن الكريم والسنة النبوية.. (1)
إن الناظر في القرآن المجيد وفي السنة النبوية المطهرة يجد إشكال التأسي يتمحور حول المحاور الكبرى الآتية:
1. النبي بشر عبدٌ لله مثل البشر، غير أنه اصطُفي بعلم الله ليوحَى إليه
ونجد ذلك في آيات كثيرة من كتاب الله منها قوله تعالى: “قُلْ اِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا” [الكهف، 105]. وقوله سبحانه وتعالى: “قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلاَّ بَشَرًا رَسُولاً” [الاِسراء، 93]. وقوله عز من قائل: “وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ إِنَّهُمْ لَيَاكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الأَسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً اَتَصْبِرُونَ” [الفرقان، 20].
وتثبيتا لهذه الحقيقة قال صلى الله عليه وسلم: “أجلس كما يجلس العبد وآكل كما يأكل العبد، فإنما أنا عبد“[1]. وقال عليه الصلاة والسلام: “إنما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد”[2]. وقال صلى الله عليه وسلم: “منعا لأسباب إنتاج الفجوات السابقة“[3] بين الأنبياء والمؤمنين: “لا تطروني كما أطرت النصارى المسيح ابن مريم“[4].
وعموما فإننا نجد في القرآن المجيد التأكيد على عبودية الأنبياء عليهم السلام، سدا لكل ذريعة قد تؤدي إلى إحداث هوة بين النبي والمؤمنين. فقال عز وجل حكاية عن المسيح عليه السلام: “فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ ءَاتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا” [مريم، 28-29]. وقال تعالى: “وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ” [ص، 30]. وقال عز من قائل: “وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ” [ص، 40].
والله المستعان
———————————————————–
1. شعب الإيمان للبيهقي، 5/107.
2. مجمع الزوائد للهيثمي، 9/20؛ ابن ماجه، الأطعمة 30.
3. فالنبوة مؤسسة واحدة تتكامل لبناتها ويستدرك اللاحق منها بمنهجية التصديق والهيمنة ما كان في السابق ليخلص البناء في النهاية كاملا شاملا حجة “لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ” [النساء، 164]. “امَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمومِنُونَ كُلٌّ امَنَ بِاللهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِير” [البقرة، 285].
4. البخاري، أحاديث الأنبياء، 48.
أرسل تعليق