كيف نبدع؟
ثانيا: شروط الإبداع
بعد تناولنا في العدد السابق لتعريف مفهوم الإبداع باختصار شديد، نتمنى أن نكون قد اقتربنا من توضيح هذا المفهوم نظرا لغموضه وتشابكه، سنحاول في هذا العدد البحث في شروطه، من أجل ذلك نطرح التساؤلات التالية: هل للإبداع شروط؟ وإن كان الجواب بنعم، ما هي هذه الشروط؟ وهل هي كافية لتحقيق هذا الإبداع؟
للإجابة على هذه التساؤلات موضوع هذا العدد، بادئا ببدء، نعطي تعريفا للشرط لكي تكون الإفادة والاستفادة أعم..
الشرط: تعليق شيء بشيء، بحيث إذا وجد الأول وجد الثاني، وقيل: الشرط: ما يتوقف عليه وجود الشيء، ويكون خارجاً عن ماهيته، ولا يكون مؤثراً في وجوده، وقيل: الشرط: ما يتوقف ثبوت الحكم عليه. وفي اللغة: عبارة عن العلامة، ومنه أشراط الساعة، والشروط في الصلاة، وفي الشريعة عبارة عما يضاف الحكم إليه وجوداً عند وجوده لا وجوباً [كتاب التعريفات للجرجاني].
نلاحظ أن عدد المبدعين في جميع المجالات والميادين جد قليل مقارنة بغير المبدعين، مما يوحي إلينا بالملموس والواضح أن عملية الإبداع، لابد أن تتوافر فيها الشروط لكي يتحقق في الواقع، ويستفيد منه الآخرون.
خلال محاولتنا البحث في هذه الشروط، ارتأينا أن نقسمها إلى قسمين، القسم الأول: الشروط التي تؤذي إلى الإبداع، والقسم الثاني: الشروط المتعلقة بالإبداع.
1. الشروط التي تؤدي إلى الإبداع
إن من الشروط التي تؤدي إلى الإبداع، شروط نفسية تتعلق بذات المبدع وتميزه عن غيره من المبدعين، وشروط اجتماعية تقوم على ما يوفره المجتمع من شروط مادية أو معنوية لمساعدة الفرد المبدع على الإبداع.
أ- شروط نفسية: حسب بعض العلماء، يتميز المبدعون عن غيرهم، بالذكاء، قوة الذاكرة، سعة الخيال، الاهتمام، الإرادة، الجرأة، الصبر، والرغبة في التجديد، إضافة إلى الانفعالات من عواطف وأحاسيس..
ب- شروط اجتماعية: تتجلى هذه الشروط في إيجاد مناخ مناسب يساعد المبدع على الإبداع، مما يعني أن المجتمع يساهم بدرجة كبيرة فيه بتوفير الشروط المادية والمعنوية، ومن هنا يتضح أن الإبداع مظهر من مظاهر الاجتماعية إما لجلب منفعة أو دفع ضرر، فالحاجة هي التي تدفع إليه، وهي أم الاختراع.
2. الشروط المتعلقة بالإبداع
هذه الشروط تتعلق بشكل مباشر بعملية الإبداع، إذا توافرت، ظهر العمل الإبداعي في كامل تجلياته وهي:
الأصالة: المقصود بالأصالة هنا: قدرة الفرد على توليد أفكار جديدة أو مدهشة أو نادرة لم يسبق إليها أحد أو بمعنى آخر إنتاج ما هو غير مألوف.
الطلاقة: هي القدرة على الإنتاج السريع لعدد من الأمثلة والتوضيحات والتكوينات، استنادا إلى مثيرات شكلية أو وصفية معطاة.
المرونة: أن تكون هذه الأفكار متنوعة في جوهرها، وأن لا يتصلب المبدع حول نوعية واحدة من الحلول أو يقف عند طريقة واحدة لإيجاد الحلول.
الحساسية: هي القدرة على تحسيس المشكلات وإدراك طبيعتها، وعلى أن هناك طريقة أفضل وجب البحث عنها.
الاستنباطية: المقصود بها، الميل إلى التفاصيل والقدرة على استنباطها بصورة مبدعة، والمبدع يستطيع أن يربط بين عدد من الأفكار ويفكر بها في الوقت ذاته.
القبول: إن الابتكار والإبداع أو الفكرة الجديدة لا يكون لها قيمة إلا من خلال فائدتها، وقبولها بين الناس.
من هنا يتضح أن الإبداع كعملية، لا تحصل إلا إذا توافرت الشروط المتعلقة بها، وكذلك الشروط التي تؤدي إليها، يعني الشروط النفسية والشروط الاجتماعية، وتواجدهما معا، يؤدي بنا إلى الحصول على الإبداع الذي نصبو إليه.
نتمنى أن نكون قد وفقنا في طرح بعض جوانب موضوع الإبداع، رغم أننا لم نلتمس كل حيثياته، وتقبلوا منا فائق التقدير والتحيات.
يتبع
ذ. سعيد النجمي
أرسل تعليق