قراءة في التعليم الأولي..
من المعلوم أن القراءة من أهم الوسائل التي تساعد الفرد على الإفادة من آراء المفكرين، وعلى زيادة ثروتهم اللغوية والفكرية، فالقراءة هي أشبه بمفتاح عجيب يفتح أبواب المعرفة.
والمجتمع في حاجة إلى القراءة بصورة غير مباشرة “أحداث، وقائع..”، ولِما في القراءة من تبادل الآراء والخبرات بين الأفراد والمجتمعات البشرية، من فائدة في رفع المستوى الفكري والخبرة والتقارب بين الشعوب. لذا فقد بات المجتمع في أمس الحاجة إلى القراءة كحاجة الفرد إليها كذلك..
إن مهمة مربي التعليم الأولي، تنحصر في الإعداد للتعليم أي توجيه الأطفال ومساعدتهم وتهيئهم للتعلم، على القراءة والكتابة كي يجدوا اللذة في التعلم ويشاركوا في الفعاليات الهادفة قصد تنمية قدراتهم على الانتباه والتركيز، والمناقشة والتعليل..
إذن فتعلم القراءة والكتابة، يخضع لمجموعة من العمليات الجسدية والنفسية والعقلية المعقدة، ويتطلب من جهة، مستوى معينا من النضج. ومن جهة ثانية يتطلب صبرا ورغبة وطموحا من قبل الطفل نفسه. ففي أي سن يتم النضج العقلي الكافي لتعلم القراءة؟ إن العمر الذي حدده بعض المربين أو معظمهم للبدء في تعلم القراءة والكتابة، هو سن السادسة. ولكن العمر العقلي لا يوافق دائما العمر الزمني.
ولنضرب أمثلة لذلك: طفل عمره الزمني ست سنوات مثلا، ولكن عمره العقلي: أربع أو خمس سنوات، وقد يحدث العكس، ومهما يكن من أمر النضج العقلي المبكر؛ فإن الطفل بحاجة إلى تنمية بعض القوى العقلية، ويتم ذلك بوسائل عديدة من أهمها:
1. تمرين الطفل على الانتباه لذا يجب تمرين الأطفال على تركيز انتباههم لمدة معينة تكون قصيرة أولا، تم تطول من بعد ولاسيما للذين لم يستكمل نضجهم العقلي..
2. ثم تمرين قدراتهم العقلية على التحليل واكتشاف الترابط بين الأسباب ومسبباتها كأن نضع أمام الطفل صورة ناقصة، ويكتشف النقص الذي فيها..
3. ثم تمرين الأطفال عن طريق الملاحظة والرحلات القصيرة والسينما والصور واللوحات والقصص التي تدور حول الأشخاص..
4. ثم تمرين الأطفال حول تسلسل الأفكار إلى تربيتهم لصور معينة حسب وقائع القصة..
هذه هي العوامل التي تحفز الطفل على تعلم القراءة، وهذه العمليات التي تنمي قوته العقلية وترفعه إلى عملية التركيز والبحث والتحليل والتحصيل، ولا نبالغ في القول، بأن وسائل التعليم غير موجودة.. هذا وبعد استعراضنا للعناصر الأساسية، في إعداد الطفل للقراءة والكتابة في الطور ما قبل التمدرس وبعده بالقسم الأول من التعليم الأساسي، نرى من الواجب أن نشير إلى الطريقة التي يجب الأخذ بها أثناء تعليم القراءة والكتابة ولنتساءل أية طريقة نختار؟
قال العالم جورج دوهاميل “لا أعرف طريقة واحدة باستطاعتها أن تمنع ولدا من تعلم القراءة والكتابة” وجاء في المثل الدارج “كل الطرق تؤدي إلى مكة أو الطاحون” لكن هل هذه الطرق جميعها في مستوى واحد من الجودة والأمان؟ إن جان جاك روسو يفضل الطريقة التي تستطيع أن تثير في نفسية الولد التعلم إذ يقول: الطريقة.. “إنها دائما هي الرغبة في التعلم أعطوا للولد هذه الرغبة فكل طريقة ستصبح عنده جيدة.
لكن هل تكفي الرغبة وحدها لتحديد أفضلية طريقة على طريقة؟ أننا نرى أن الطريقة الفضلى هي التي تراعي:
1. طبيعة الطفل؛
2. تراعي المادة التي تدرس؛
3. تراعي إمكانات المعلم؛
وحتى تراعي الطريقة طبيعة الطفل يجب:
1. أن تنطلق من المعلوم إلى المجهول؛
2. أن تنطلق كما ينطلق الفكر من الكل إلى الجزء ثم من الجزء إلى الكل؛
3. أن تشرك الطفل في عملية التعلم، لا أن تبقيه سلبيا؛
4. أن تثير الطريقة رغبته في التعلم” انتهت نظرية روسو..
يتبع في العدد المقبل بحول الله تعالى وقدرته..
ذ. مومني شريف وزان
ميثاق الرابطة، العدد 796/797 الخميس 6 جمادى الثانية 1418هـ الموافق 9 أكتوبر 1997م، السنة الثلاثون.
أرسل تعليق