في واحة المقاصد..(2)
وفي الســلف الماضي تجـــلت حقيـــقة لجـــــــلب مصالــــــح ودرء المــــفاســـد
فسـادوا وشــــادوا للشـــريعة صرحــــها شمــوخا يدوس فـــوق هــــام الفـراقــــد
وديــن الإله مشـمخر(1) علــى الــــذرى يكــل طمـــــوح المغــــرضيـن الأبـــاعــــد
وبــاهى بهــــم بيــن الشــرائــع زاهــــيا وحقـــــق آمـــــالا لكـــــل مــناهـــــــد(2)
وقــــادوا جـبـــابر الطــــــغــاة ودوخــــــوا عــروشا لها تاريخــــها في المســــــــاند
هنـــاك جـــثا الإســــلام في أوج عـــــزه وهــاب شــــباه(3) كــــل طــــاغ وحــائـد
وأمتــــه فــــي متــــــــعة وكــــــرامــــــة تجــــر ذيــــول الزهــــو بين الاســــاود(4)
ولكــنها في فـــتـــرة مــــن حيـــاتـــــــها تجافت ونــــاءت عن عــــلوم المقـــــاصد
فجــــــر لهـا جـــهل المقــــاصد ويـــــلــه وزج بهــــا في المبـــــهمات الشــــــدائـد
وبطــأها أن تلحــــــق الــــركب مــدلـــجا وثــــبط منـــــها كـــل جـــــاث وقــــــاعـد
وضاقت بها تلـــك النصـــــوص وأعـــــوزت جــهودا لــها مســــتــحدثات العـــــوائـــد
فتــاهت ببــــيداء الغـــــواية حـــــــينـــها وعـــرد(5) فــيهـــــا الفـــكر من كل رائــد
واخــلد أعـــــلام الشــــــريعـة جــــــلهم إلى راحــة واستــثــــقلوا بالمــراقــــد(6)
فضـــاعت حقــوق واستـــبـيحت محــارم وعاث الفساد فــي صفـــوف المشـــاهد
وشبــــت لهـــم نــار تلــــظى سعـــيرها حـروبا ضحـــاياهــــا رجــــال المســــانـد
فقـــام بصيـــــحات الحقــــيــقة جـــــــلة وأفـــــــذاذ عـــــلم من خــــيار أمــــاجــد
فلم تصـــــــغ آذان إلـــــى أي صــــــــارخ ولــم يردعـــــــــوا عـن غيـهم والمفاسـد
وحيـــث مصــالح العــبــــاد رهــــــــــــينة فثــــمة شـرع اللـه وفـــــق المقـــــاصـد
فمــن اجلها يستــشعر المسـلم الرضى بحكم عـــــن الشـــــــرع الإلــــهــي وارد
ويســـتعذب التكـــــليف من ســر حكـمه ويعــــلم أن اللـه احــــكــــــم مـاجــــــــد
وظاهــــــــرة التنـــصيص حيـنا بـــــدورها تســاهم فــــي تعــطيل حــكم مسانــد
وحــينـــا تــــؤدي بالجـــهود إلـــى الورى وتنسف روح الشرع نســف الرواعــــد(7)
وكم قبل عـانى الشرق والغرب أمرها(8) فقــــــــــاد لأفكــــار (صــعاب) جــــوامــد
فيـــا ســــادة اثـــــــروا محـــور نـــــــدوة رباطـــية فــــي ضـمــن تلك المــقاصــــد
وحــازوا خــلال الخيـــــر والعــــــز كلــــه وحســـــن المزايا من طــريف(9) وتـــالـد
عـــلــــــوم وآداب تفـــتق(10) رنـــــدهـا وحســـن وئام خــالــــدا فــــي الخـوالــد
أبث مشـاعــــــر الهـــــــوى بقصيـــــــدة طـــويلــة تخــــــــتال بيــن القـــــصـائــــد
تحــرك مـــــن كــل العـــواطـــف كـامـــنا وتذكي من أشواق الهـــــوى كـــــل راكد
يحـــوطكم المولى الكـــريم بســـيبه(11) ويرعاكــموا مـن كــل بـاغ وحـــــــاســــد
ولا زلــت يا خيـــــر الـــــــولاة مـــــؤيـــدا مـن الله منصـــــــورا متـــين الـــــروافـــــد
وأنت لهذا الشعـــب عيــــــن رحيـــــــمة ودمــت على العافــين اســـــمح رافـــــد
بقــيت بطيــب الذكــر والشعب شعبــكم يسره أن تبـــقى له خـــــــير قــــــائـــــد
بجنـــبك شبل ثاقـــب الــذهــن مـرهــف علـــيه من التـــوفــيق اكبــــر شـــاهــــد
——————————————-
1. مشمخر، مفعلل من اشمخر الجبل، إذا ارتفع وطال.
2. مناهد بمعنى مناهض.
3. الشبا جمع شباة، وهي الحد من كل شيء، وطرف السيف الحاد.
4. الاساود جمع اسود، وهو افعل تفضيل من السيادة.
5. عرد فلان إذا هرب وأدبر، والرائد هو المبعوث المستأمن من طرف قوم لينظر لهم مكانا مناسبا للنزول في المرعى والمياه ومنه المثل السائر، الرائد لا يكذب أهله.
6. استثقلوا بالمراقد كناية عن النكوص والأحجام عن تجشم الصعاب، ومنه فول ابن رواحة في مدح المصطفى وذم المشركين، يبيت يجافي جنبه عن فراشه إذا استثقلت بالمشركين المضاجع.
7. الرواعد هي السحائب التي تبعث صوتها أثناء الأمطار.
8. الأمر بكسر الراء الشيء العجيب والمنكر.
9. الطريف هو المال المستحدث المكتسب، والتالد ضده الموروث، ويطلقان على كل قديم وجديد.
10. تفتق المسك انتشرت رائحته، والرند شجر طيب الرائحة مهده في أوربا الجنوبية وآسيا الغربية.
11. السيب هو العطاء والمطر الجاري.
-
لله درك شاعرا
التعليقات