Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

لا توجد تعليقات

في تقريب العلوم الإسلامية

      إن الغاية من التقريب في المجال التداولي الإسلامي، هي صياغة خطاب علمي يقرب مضامين العلوم بلغة ميسرة تراعي أصناف المتلقين ومستوياتهم العلمية والفكرية، وذلك حتى تتحول المنظومة الفقهية والعقيدية والسلوكية إلى قيم إيجاب تسهم في صياغة الشخصية الإسلامية السوية القادرة على الإحياء والإبداع والابتكار والتجديد، وتحقيق القصدية والمرونة والفاعلية والمآلية والمستقبلية، دون الارتكاس في حمأة الجمود أو التحجر والانغلاق، في أفق أن يتسنى لنا تمثل الخطاب الشرعي تمثلا راشدا وسليما، يجمع بين فقه التدين والانفتاح على قضايا العصر.

      وقد تنوعت أشكال التقريب وأنماطه بين مقدمات ومداخل، ومختصرات ومنظومات، وشروح وشروح الشروح، وحواشي، وتعليقات، وتقريرات، وتنزيلات.

      وحري بالذكر أن الممارسة التقريبية في العلوم الإسلامية قد استندت إلى جملة آليات جعلت التقريب محكوما بمقاصد وقواعد كلما روعيت وتحقق الانضباط بمقتضياتها كان “التقريب منخولا”، وكلما انخرم منها أصل ووقع الإخلال بشرائطها وموجباتها كان “التقريب مدخولا”.

      فالتقريب المنخول عملية تداولية تصحيحية تتوسل بجملة من الآليات نذكر منها:

      •  آلية الإضافة: وتقوم هذه الآلية بتكميل وتتميم ما يحتاجه المخاطب من معارف، ومراعاة السياق؛

      •  آلية الحذف: وتقوم هذه الآلية بحذف كل ما من شأنه أن يربك المعارف الموجهة للمخاطب.

      أما القواعد التي تحكم التقريب المنخول فهي:

      •  قاعدة إثمار المضامين العلمية حتى يسهل إدراكها للمخاطب؛

      •  قاعدة الإنجاز التأصيلي التي تقضي بالتزام التركيب الصحيح في العبارة؛

      •  قاعدة الإنجاز التكميلي التي تقضي بالتزام مسلك الاختصار في العبارة بقدر حاجة المخاطب؛

      وأما التقريب المدخول فهو كل تقريب اختلت فيه قواعد وشروط التقريب المنخول، وداخلته آفات تحول دون تحصيل المخاطب المقصود من المعارف، وأهم الآفات التي تندرج في التقريب المدخول هي:

      •  آفة التعقيد على مستوى المضامين العلمية؛

      •  آفة الركاكة حيث لا يكون التركيب سليما، مما يحول دون الإدراك السليم للدلالات؛

      •  آفة الحشو حيث تزيد العبارة عن قدر الحاجة التبليغية التي يحتاجها المخاطب.

      إن للتقريب في مجال العلوم الإسلامية مقتضيات لغوية وعقدية ومعرفية أخرى سلوكية، مما يستدعي الوقوف على الجهاز المفاهيمي الذي يشكل منه التقريب، والنسق المعرفي والقيمي الذي يتحدد به، ويشمل ذلك:

      •  المداخل اللغوية والمصطلحية والمفاهيمية للتقريب.

      •  النظم المعرفية التي يتأسس عليها التقريب؛

      •  أشكال التقريب في الممارسة الإسلامية؛

      •  مناهج العلماء المسلمين في التقريب.

      وإننا لنرنو إلى مزيد من اشتغال أهل العلم بقضايا تقريب العلوم الإنسانية توطئة لميراث سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تنتفع به كافة أمته من مدخل وصيته عليه الصلاة والسلام “يسروا ولا تعسروا”.

      والله الهادي إلى سواء السبيل.

الأمين العام

                                                            للرابطة المحمدية للعلماء

أرسل تعليق