فتح الأندلس
في تاريخ الأمة الإسلامية محطّات ومواقف وطنية وقومية مُشَرِّفة لا نزال نسترجعها فتثير في أنفسنا مشاعر النخوة والعزة والكرامة. ولاشك أن أهم منعطف في تاريخ هذه الأمة هو بعثة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- وتَوَلِّيه نشر رسالة الإسلام، فلم تَمُر سوى بضعة عقود على البعثة النبوية المحمدية حتى كانت أنوار هذا الدِّين قد عمّت أقطارا عديدة، وبفضل هذه الدعوة خرج الناس من العبودية إلى الحرية. وقد تبعت هذه البعثة فتوحات إسلامية كثيرة لعل أبرزها فتح المسلمين الأندلس، والشاهد من كتب التاريخ أنه لم تكن للجزيرة الإيبيرية وقع في التاريخ القديم، ولمّا فتحها المسلمون أضحت مدن الأندلس منارات حضاريّة في ظلام أوروبا الدّامس، كما انتشر الإسلام -فيما بعد- في أوروبا وإفريقيا وخارج حدود الشرق الأدنى القديم حيث حلّ الإسلام محل النصرانية في البلاد التي كانت خاضعة للدولة البيزنطية.
إن تاريخ أمتنا يكشف لنا أن المسلمين انتصروا في معاركهم الكبرى جميعها على الرغم من قِلّة قُوّتهم عدداً وعُدّة مقارنة بعدُوّهم، ففي يوم بدر انتصر المسلمون بعون من الله -عزّ وجلّ- ، يقول سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: ” قَدْ كَانَ لَكُمْ ءايَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ تَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْاَبْصَارِ” [سورة ال عمران/الآية: 13].
وهكذا كان الحال في الأندلس، تذكرُ كتب التاريخ أن طارقاً مولى موسى بن نصير سار في ألف رجل وسبعمائة رجل إلى الأندلس وذلك في رمضان سنة اثنين وتسعين من الهجرة فالتقى هو وملك الأندلس لُذْرِيق وكان في سبعين ألف من الجند والفرسان فزحف إليه طارق وصبر له فهزم الله –عزّ وجلّ- الطاغيةَ لُذريق وكان فتح الأندلس[1] . وقال ابن حيان في تفسير “البحر المحيط”: وما زالت جزيرة الأندلس تلتقي الشرذمة القليلة منهم بالعدد الكثير من النصارى فيغلبونهم[2] .
وإننا حين نسترجع ذكرى هذه الانتصارات التي أحرزها المسلمون في معاركهم رغم ضُعف قُوّتهم وقلتهم عدداً وعُدة مقارنة بعدوهم -وقد سُقت فتح الأندلس مثال على ذلك- نتساءل: ما هي القوة التي كانت تُعضّدهم وتُآزرهم وتمنحهم الانتصار على أعدائهم الذين أرادوا النيل منهم؟
لا شك أن الإيمان بالله وبرسوله هو القُوة الأساس التي كانت كامنة وراء تلك الانتصارات، ثم وحدة الموقف والهدف والأخوة الإسلامية التي كانت تسمو بهم إلى مراتب متميزة في الحياة، ولعلنا نأخذ العبرة من أسلافنا الأبطال الذين كان للدين والإيمان مكان مكين في قلوبهم، ولهذا رأيناهم يصمدون ضد الغزاة كالبنيان المرصوص وينتصرون ويقودون هذا العالم نحو الخير والعدل والمحبة.
——–
1. البيان المغرب 1/27 ، أخبار مجموعة في فتح الأندلس، ص.35
2. البحر المحيط 6/110
إن تاريخ أمتنا يكشف لنا أن المسلمين انتصروا في معاركهم الكبرى جميعها على الرغم من قِلّة قُوّتهم عدداً وعُدّة مقارنة بعدُوّهم، ففي يوم بدر انتصر المسلمون بعون من الله -عزّ وجلّ- ، يقول سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: ” قَدْ كَانَ لَكُمْ ءايَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ تَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْاَبْصَارِ” [سورة ال عمران/الآية: 13].
أرسل تعليق