علومنا الإسلامية والسياق الكوني المعاصر..(2)
أولا. في ضرورة تمثل خصائص عالمنا المعاصر
إن النظر في موضوع علومنا الإسلامية في ظل المقتضيات المستجدة المستحدثة التي أضحت تؤثث عالم اليوم، تفرض علينا استحضارا تاما لمقتضيات تسعة، باتت من خصائص العالم المعاصر، وهي:
المقتضى الأول: ظاهرة “التبلور” و “التجوهر” لكوكبة من اللغات الحية التي أصبحت بمثابة ما يمكن تسميته بـ“المفاعل” اللغوي والتواصلي لعالم اليوم؛ وفي صلبها اللغة العربية، والانجليزية، والصينية، والفرنسية، والإسبانية. فقد بدأ العالم، يخرج من واقع برج “بابل” إلى واقع آخر جديد، يتفاهم فيه البعض مع البعض الآخر.
المقتضى الثاني: المتمثل في الموجة التطويرية الثالثة التي هي “النانوتكنولوجيا” التي نقلت إدراكنا من الاقتصار على العالم متناهي الكبر إلى العوالم متناهية الصغر، مما فتح إمكانات هائلة في مجال الفاعلية والتسخير لم يتَبين مداها بعد، وكذا القيم الكونية التي بدأت تتشكل، والبعد الحقوقي الموحد، حيث أصبح من الممكن اختراق الجمعيات والخصوصيات بكل غير مسبوق.
أما المقتضى الثالث: فيتمثل في الهم البيئي المشترك، الذي جعلنا، بدافع الاحتباس الحراري والكوارث الطبيعية الأخرى، نعي لأول مرة في تاريخنا البشري، وبشكل واقعي، أننا فوق مركبة موحدة، يتحتم علينا أن نشتغل بطريقة مشتركة للحفاظ عليها.
أما المقتضى الرابع: فيتمثل فيما أفرزته تكنولوجيات الاتصال والإعلام الحديثة، التي انبثقت من صلبها جملة من الظواهر؛ كظاهرة “المواقع الاجتماعية” التي نحتت نحوتا ناتئة في الجوانب الهوياتية، بسبب الإيقاع السريع والفاعلية الكبيرة اللذين فرضا على عالمنا…
يتبع في العدد المقبل…
أرسل تعليق