عبد الجبار الفيكيكي
لما قرأت كتاب “حفريات في الذاكرة” للعالم المرحوم سيدي محمد عابد الجابري، أحسست وأن الرجل كان مصرا على جعلنا نحس بقيمة التاريخ العلمي والحضاري لبلدة فكيك المباركة، وكم استمتعت بحديثه عن سيدي عبد الجبار الفيكيكي، وشخصيته، ومدرسته العلمية، وفكره الإصلاحي، ومكتبته التي جابت شهرتها الآفاق، ومنذ قراءة كتاب المرحوم الجابري زاد اهتمامي بفكيك وتاريخها العلمي..
وقد سبق لي أن ذكرت في مقالتي الأخيرة بجريدة “ميثاق الرابطة” الغراء [العدد 100]، حول سيدي أحمد بناصر الدرعي أن هذا الأخير قال في رحلته: “أن أحمد بن أبي بكر السكوني ما كان ليكتب كتابيه شرح دلائل الخيرات وشرح تنبيه الأنام، لولا ما وجده من الكتب ميسرا في خزانة سيدي عبد الجبار“، يقصد خزانة العلامة سيدي عبد الجبار الفيكيكي..، وقلت أنه “ليس غريبا أن يهتم سيدي أحمد بناصر الدرعي بخزانة العلامة سيدي عبد الجبار الفيكيكي، وهو الذي حظي بزيارتها في أواخر القرن الحادي عشر (1096هـ)، وقد زارها قبله والده سيدي محمد بناصر، ومر منها أيضا العلامة العياشي صاحب “ماء الموائد“.. فمن هو هذا الإمام الكبير الذي أسس خزانة من أعظم خزائن المغرب، وساهم في نشر ثقافة العلم والصلاح في منطقة الواحات الفيكيكية وما حولها، ولقد امتد تأثير مدرسته العلمية إلى كثير من مناطق الغرب الإسلامي بفضل من الله..
هو الإمام عبد الجبار بن أحمد بن موسى الفجيجي، ولد على الأرجح بين (810 و820 هـ) كما بينه الباحث بنعلي محمد بوزيان في مقاله حول عبد الجبار الفكيكي بمجلة دعوة الحق (انظر لائحة المراجع)؛ يقول الأستاذ بوزيان “فإذا علمنا أن ابن مرزوق الحفيد المتوفى عام (842 هـ)ـ أجازه بتلمسان قبل هذا التاريخ بقليل أو كثير، وإذا علمنا أن العلامة الشهير “أبو عبد الله محمد ابن الحسين بن محمد بن حمامة الأوْرَبي النيجي” المتوفى عام (887 هـ) أجازه بفاس في الأربعينات من القرن التاسع، وإذا علمنا أيضا أن العالم “إبراهيم التازي اللنشي” أجازه بوهران سنة (865 هـ) أي قبل وفاته بنحو عام، وإذا علمنا آخر الأمر أنه أجاز تلميذه “البلوي الوادي أشي” سنة (895 هـ) بتلمسان فدل ذلك على تألق متأخر في مجال التدريس(..)، إذا وضعنا كل هذا في الحسبان واعتبرناه، فرضنا أن يتراوح عمره في مرحلة التتلمذ بتلمسان بين عشرين وثلاثين عاما، وبالتالي جاز لنا أن نحصر ولادته في الخط الزمني الممتد من (810 هـ إلى 820 ه)، ومن ثم تقارب ما رواه أحفاده، ولا أخالهم إلا من الصادقين..
ونستفيد من مقالة الأستاذ بوزيان واعتمادا على فهرست الإمام عبد الجبار الفكيكي أن هذا الأخير تتلمذ على شيوخ كبار يمثلون ذروة الحركة العلمية في عصره، يقول الأستاذ بوزيان عن شيوخ سيدي عبد الجبار، منهم: “أبو عبد الله سيدي محمد بن مرزوق التلمساني شارح البردة والمختصر“، ومنهم حافظ العصر “أبو الوفاء التونسي“، ومنهم شيخ الشيوخ، “أبو العباس سيدي أحمد زروق“، ومنهم “أبو إسحاق سيدي إبراهيم التازي”، “خليفة الشيخ الكامل أبي عبد الله سيدي محمد الهواري” دفين محروسة وهران، التقى معه عام خمسة وستين وثمانمائة بوهران، أعني سيدي عبد الجبار الفكيكي، وأجاز له في صحيح البخاري قائلا: “أخذته عن فلان وفلان إلى مؤلفه أبي عبد الله سيدي محمد ابن إسماعيل البخاري وأجاز له أيضا صحيح مسلم، والشفاء لعياض..”، ويلحق الأستاذ بوزيان بهذا المسرد علماء آخرين يقر بأستاذيتهم لسيدي عبد الجبار كقاسم بن سعيد بن محمد العقباني (768-854 هـ) ومحمد بن أحمد بن أحمد بن أبي يحي التلمساني الشهير بالحباك والمتوفى عام (867 هـ)، ومحمد بن أحمد بن قاسم بن سعيد العقباني المتوفى عام (871 هـ)، وعمه إبراهيم بن قاسم (808-880 هـ). وممن اتصل بهم اتصالا وثيقا، وتبادل معهم الأخذ والإسناد، نذكر “محمد بن يوسف السنوسي” (832-895 هـ)، و”أبا القاسم الفهري” (825 هـ/896 هـ)، وابن زكري المتوفى عام (899 هـ)، ومحمد بن عبد الجليل التني المتوفى عام (89 هـ)، “وابن صعد” المتوفى (901 هـ)ـ و”ابن مرزوق الكفيف” المتوفى في نفس السنة.. ويبقى بعد هذا أن نعرف “أن ابن غازي” المتوفى سنة (919 هـ)، والونشريسي المتوفى قبله بخمس سنوات اعتبر من أعز أصدقاء “الإمام عبد الجبار“، وأودهم وأحبهم إليه. أما الأول فقد حضر معه الحلقات العلمية التي كان يرأسها الشيخ الصغير وأجازهما معا في حرز الأماني ورسالة القيرواني وسواهما، وأما الثاني فقد لقيه غير ما مرة في تلمسان وفي فاس. ومن آيات الود والإخلاص المتبادل أن يحتفظ الشيخ عبد الجبار في خزانته بتصانيف صاحبه ذاك، ولم يبق منها الآن غير نماذج قليلة من بينها ثلاث عشرة صفحة من كتاب غريب نادر الوجود ربما عديمه، ويتعلق الأمر بمصنفه عن المقري الجد.
يعد الإمام الفكيكي، صاحب الفضل الأول في تفجير ينابيع الثقافة بفكيك، وقد انطلق في ذلك من مشروع علمي أساسه معهد علمي بمرافقه الضرورية لإيواء الطلبة القادمين إلى واحة فكيك المباركة من شتى أنحاء المغرب الكبير ومصر وإطعامهم، ويستفاد مما رثاه به ولده محمد، أن بعض حلقاته العلمية كانت تعقد بمسجده الذي لا يزال إلى الآن يحمل اسمه..
لقد دشن الشيخ الإمام الشيخ الإمام عبد الجبار خزانة بحمولة أربعين بعيرا كتبا، جاء بمعظمها من فاس وتلمسان ومصر، وينيف مجموعها على خمسة آلاف مجلد، وهو رقم ليس بالهين، بل على العكس يبدو خاسئا ذليلا أما تلك الأبهة التي أضفاها الرحالون عليها، وأحاديثهم ترشح بالإكبار والإغراء يخال معهما المرد أن الخزانة تضمنت عشرات الآلاف من الكتب بتعبير الأستاذ بوزيان في مقاله حول خزانة فكيك..
لقد أخبرنا الرحالة ابن ناصر الدرعي خبرا –كما سبق- مفاده أن أحمد بن أبي بكر السكوني ما كان ليكتب كتابيه “شرح دلائل الخيرات”، و”شرح تنبيه الأنام”، لولا “ما وجده من الكتب ميسرا في خزانة سيدي عبد الجبار“، وكأني بالإمام عبد الجبار يقصد ما أعده لمواجهة خطر الجهل بإطلاق يد طلبته في كتبها، وتربيتهم على استثمار مضامينها في التعلم والإصلاح، والحقيقة أن هذه الخزانة صرح متميز فرض احترامه وإكبار منشئها على كل من زارها، بل إن زيارتها كانت ضرورية وفريضة علمية عبر عنها الإمام الهشتوكي بقوله: “قد جرت عادة جميع من مر بفجيج من كل من يتعاطى العلم بزيارتها. وقد زرناها كما تقدم، وزرنا قبره (أي قبر الإمام عبد الجبار) ومسجده وموضع إقرائه وتدريسه“.. واستمرت الخزانة الفكيكية تنافس أشهر خزانات الحواضر العلمية الكبرى كفاس ومراكش حتى أواخر القرن الثاني عشر الهجري كما نفهم من هذا الانطباع الحزين الذي سجله محمد بن عبد السلام بن ناصر سنة (1196هـ).
نستفيد من كتابات الأستاذ بوزيان أن بعض هذا الأثر موجود إلى الآن بخزانة ضريحه، وأكثره، وأهمه استولى عليه أعقابه وسواهم مع علمهم: “أن خزانة كتب سيدي عبد الجبار حبس على من ينتفع بها من الذرية وغيرهم بالنظر فيها، والانتساخ منها إن كان أهلا لذلك، ثم ترد بعد ذلك لمحلها، معقب مؤبد، ووقف صحيح مخلد، لا يباع ولا يوهب، ولا يورث، حسبما شهد به الجم لغفير والملأ الكثير من أهل بلدة فجيج خلفا عن سلف”..
ولقد استطاع سيدي عبد الجبار أن يربي أبناءه الثلاثة: أحمد، وإبراهيم، ومحمد على حمل المشعل من بعده حتى صار فضلهم على الثقافة بفجيج كبيرا وحاسما، فكلهم كان عالما أديبا ومربيا، ولا ننس أن إبراهيم هو صاحب “روضة السلوان” تلك القصيدة الصيدية التي انخرطت في الآداب العالمية من خلال ترجمتها إلى عدة لغات و مطلعها:
يلومونني في الصيد و الصيد جامـع لأشيـــــاء للإنســـان فـيها منافـــع
واستطاع سيدي عبد الجبار أن يغرس تقليد الكتابة وإنتاج الثقافة في نفوس أبنائه وتلامذته، ولاسيما أن فجيج كانت بعيدة عن الحواضر الكبرى، فكان لا بد من تصنيف ما لا يستغني عنه الطلبة وتمثيل ثقافة العصر..
إن هذه الإضاءات التي قدمها الأستاذ بوزيان في مقالتيه حول خزانة سيدي عبد الجبار كافية لإبراز القيمة العلمية والتربوية والحضارية لهذا الرجل الفاضل، وإن شخصيته لتحتاج إلى دراسة وافية متعددة الاختصاصات تتأطر ضمن جدلية العلم والعمران، وذلك من أجل إبراز دور مدرسة سيدي عبد الجبار في “الاجتماع العمراني الفكيكي” وما اتصل به من مناطق تأثرا وتأثيرا ضمن مفهوم ثقافي-مجالي يؤكد على علاقة جدلية بين العلم والعمران أسفرت عن مسار حضاري لازالت كثير من معالمه بادية إلى اليوم.. ومن شأن مادون الإمام الهشتوكي في رحلته الموسومة “بهداية الملك العلام” أن يفرض علينا احترام الخزانة، يقول الهشتوكي معددا بعض نفائس الخزانة: “وزرنا صالحي فجيج وعلمائها، السيد عبد الجبار وأولاده وأصحابه. ودخلنا إلى خزانتهم العظيمة، وتبركنا بها، ورأينا فيها كتبا غريبة، غير أنها لعدم من يعتني بها للاندثار قريبة، من جملتها اختصار تفسير القرطبي لجدهم سيدي عبد الجبار في اثني عشر مجلدا متوسط، فيها –والله أعلم- سبعة أجزاء بخط يده الكريمة(..)، ومنها مكمل إكمال الإكمال للشيخ أبي عبد الله السنوسي، في سفرين، وهو كتاب جليل، ومنها كتاب المسالك على موطأ مالك بخط حسن في ثلاثة أسفار ضخام، مشتمل على كلام جميل(..)، ومنها شرح العارف بالله سيدي أحمد زروق المسمى بمفتاح الإفادة لذوي العقول والهمم على معاني ألفاظ الحكم..“.
يعرفنا الأستاذ بنعلي محمد بوزيان في مقاله عن نوادر المخطوطات بخزانة سيدي عبد الجبار (مجلة دعوة الحق) بالعديد من المخطوطات التي تحتويها الخزانة، وهي كتب تنتمي إلى أصناف مختلفة من العلوم بما فيها العلوم الكونية، نذكر من هذه المخطوطات
• “تفسير القرآن” تأليف أبي بكر محمد بن عزيز السجتاني المتوفى (330 هـ)، وهو غريب القرآن الذي اشتهر به؛
• تأليف في اختصار فضل القرآن العظيم، وفضل بعض خصائصه وسوره في الدنيا والآخرة: تأليف ابن عيسى بن سلامة بن عيسى بمدينة بسكرة سنة (860 هـ)؛
• والفوائد الجميلة على الآيات الجليلة، وضعه أبو على سيدي حسين بن علي بن طلحة الرجراجي الشوشاوي المتوفي بمحروسة بتارودانت عام (899 هـ) على بعض فوائد القرآن؛
• “قصيدة دالية في وقف القرآن العظيم” لأبي عبد الله سيدي محمد بن مبارك السجلماسي المغراوي، وتحتفظ منها الخزانة بسبعة وعشرين ومائة بيت؛
• “تحصيل المنافع من كتاب الدرر اللوامع في أصل مقرأ نافع”، وهي لابن سعيد السملالي الكرامي؛
• “مرشدة الأخيار“، منظومة لمحمد بن المقدسي الداودي؛
• “وأرجوزة في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم” للأديب علي الفاسي؛
• “نظم في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم” لأبي عبد الله محمد بن الحسين بن مخلوف الراشدي؛
• “الشفا بتعريف حقوق المصطفى“، للقاضي عياض اليحصبي المتوفى (544هـ)؛
ونجد بالخزانة أيضا شروحا لمختصر خليل، منها:
• “شرح العلامة سيدي عبد الله بن محمد بن مسعود الدرعي“؛
• “شفاء الغليل في حل مقفل خليل” تأليف الشيخ الإمام أبي عبد الله محمد بن أحمد بن علي بن غازي المكناسي؛
• “شرح بهرام بن عبد الله بن عبد العزيز تاج الدين الدميري المتوفى (805هـ)”؛
• “شرح الفقيه العالم العلامة الولي الصالح الزاهد الناصح المسك الفائح سيدي السوداني”؛
وفي مجال العقيدة نجد:
• “الدرة المفردة في شرح العقيدة المرشدة” للشيخ الفقيه القاضي أبي عبد الله محمد ابن الشيخ المرحوم أبي العباس أحمد بن إسماعيل بن علي الأموي، عرف بابن النقاش وضعه استجابة لرغبة تلميذه محمد ابن زيد عبد الرحمان اليزناسني؛
• “منظومة” سيدي عبد الرحمان الرقعي في فرائض ابن رشد، رجزها سنة (853 هـ)؛
• “أرجوزة في الفرائض أيضا” لأبي إسحاق إبراهيم بن أبي بكر بن عبد الله بن موسى الأنصاري التلمساني المتوفى سنة (690 هـ)، وبقي منها 375 بيت؛
• نظم في أصول الدين بأقرب الطرق في التبيين” لأبي الحجاج الضرير؛ وتأليف في أصول أنساب الأمم من العرب والعجم لأبي عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النمري المتوفى (463 هـ)، ولعله المشهور بالقصد الأمم.
وتحتوي الخزانة كذلك على: “فهرست أبي جعفر أحمد ابن الشيخ المرحوم أبي الحجاج يوسف بن علي الفهري اللبلي“، تأليف في التعريف بالفقيه محمد بن محمد بن أحمد بن أبي بكر التلمساني الشهير بالمقري وضعه العالم الفذ أبو العباس أحمد بن يحي الونشريسي المتوفى عام (914 هـ)، ويرجح الأستاذ بوزيان في مقاله سابق الذكر أن الذي كلف الونشريسي بتأليف هذا الكتاب هو صديقه محمد ابن غازي العثماني المكناسي، وقد بحث الونشريسي في هذا المؤلف النادر: التعريف بالفقيه القاضي المقري ونسبه وعدة تآليفه، ومسألتي شيخه أبي عبد الله محمد بن يحي بن علي بن النجار التلمساني الهنسي في ضابط الحرمة وتخلل الخمر، وذكر طبقات بني الإمام ومن لقي الأبلي منهم معلما ومتعلما، وقضية بلديه أبي علي الحسن بن عثمان بن عطية التجاني مع عدول بلد مكناسة المحروسة.
وفي مجال علم الحساب:
نجد تأليفا لأبي الحسن علي ابن أبي محمد بن عبد الله بن محمد بن هيدور في كيفية استنباط الأعداد المتحابة واستخراجها وتمييزها من بين سائر الأعداد، وذكر خواصها وأفعالها في المعدودات وهو ثلاث فصول.
“المقنع لأهل التعليم في الحساب والتنجيم“، لمحمد بن سعيد السوسي المرغيثي المتوفى عام 1089 هـ، وهو رجز؛
“انكشاف الجلباب وكشف الأسرار” وهما تأليفان للعالم الفرضي علي بن محمد بن علي القرشي البسطي الشهير بالقلصادي والمتوفى عام (899 هـ)، والأول رسالة في قانون الحساب، بينما الثاني رسالة في الجبر؛
وفي مجال الطب تحتوي خزانة سيدي عبد الجبار
على شرح أرجوزة في الطب، وتأليف في تمييز أعيان الأدوية وتحقيقها ومعرفة أسمائها للشيخ الفقيه المحدث أحمد بن محمد بن مفرج الأموي النباتي المعروف بابن الرومية، توفي سنة (637 هـ)؛
“كامل الصناعة الطبيعية“، تأليف علي بن عباس المجوسي المتوفى نحو عام (400هـ)، ولم يبق منه في الخزانة غير الصفحة الأخيرة من المقالة السادسة وبداية المقالة السابعة؛
وفي مجال المنطق نجد:
“رسالة في المنطق“؛
“الجمل الهادية في شرح المقدة الكافية“، إملاء الشيخ الجليل أبي الحسن طاهر بن أحمد بن بابشاذ المتوفى عام (469 هـ)؛
“أنوار المقاييس للحريري”، استفاد منه جل المؤلفين بفجيج كأبي القاسم بن محمد بن عبد الجبار (حفيد الشيخ عبد الجبار) في كتابه النفيس “الفريد في تقييد الشريد وتوصيد الوبيد“، وهو كتاب في القنص وفوائده وأسراره وخبراته، حققه العلامة عبد الهادي التازي ونشر سنة (1983م)؛
شرح تنبيه الأنام لأحمد الشريف السكوني في؛
وفي مجال العربية نجد:
• “شرح الأجرومية”، وضعه الأستاذ النحوي اللغوي أبو زيد عبد الرحمان بن علي بن صالح المكودي المتوفى (807 هـ)؛
• “الفتوح القيومية في شرح الأجرومية” لأحمد بن أقد بن محمد بن محمد بن أحمد؛
• ” تأليف في شرح معاني القصيدة العرفانية” التي أنشأها نجم الدين محمد بن إسرائيل الدمشقي،
• الشرح لأبي عبد الله محمد يشهر بابن الدباغ القيرواني؛
• “تأليف في التصوف” للشيخ العارف القدوة المحقق عماد الدين بن أحمد الواسطي؛
ويفيدنا العلامة سيدي محمد بنشريفة في مقاله حول “كتاب المستفاد في مناقب العباد” (دعوة الحق، عدد 259/1986م) بمعلومات قيمة حول الخزانة الفكيكية، يقول: وكان أبناؤنا والأساتذة والطلبة الفجيجيون يحدثوننا عن بقايا مكتبة هذا العلم الجليل، الموزعة هنا وهناك، ولكنه كان حديثا محدودا، يشير إلى بعض المخطوطات المعروفة كشرح الأشعار الستة للأعلم الشنتمري، والخصائص لابن جني، وبعض مؤلفات عبد الجبار مثل التفسير وغيره، وكانت مفاجأة سارة أن ظهر بين هذه المخطوطات المعروضة، قطعة طيبة من كتاب “المستفاد في مناقب العباد، بمدينة فاس وما يليها من البلاد” تأليف أبي عبد الله محمد بن قاسم بن عبد الكريم التميمي الفاسي.. إن هذه القطعة التي عرضت في وجدة تشتمل على حوالي 150 صفحة، وتتضمن 80 ترجمة، والصفحات متتابعة ولكنها خالية من الأرقام والإحالات، والمهم أن هذه النسخة كتبت في مطلع القرن التاسع الهجري فهي إذن نسخة عتيقة..وهذا الحشد من العناوين لا يؤلف في الحقيقة غير أثر الأثر الذي حدثنا عنه ابن عبد السلام ابن ناصر في رحلته الكبرى أوردناه مظهرا من مظاهر الحياة الفكرية بفجيج أيام عزها كما أوردناه شهادة تدل على مكانتها..
قال سيدي أحمد بناصر في رحلته: “ودخلنا هذه الخزانة تبركا في حجة ست وتسعين واقتداء بسيدنا الوالد وأطلعنا أولاده على إجازات أسلافهم سيدي عبد الجبار وولديه سيدي محمد وسيدي أحمد ورأيت عندهم كتبا غريبة وهي إلى الاندثار قريبة“، ولقد صدقت فراسة سيدي أحمد ابن ناصر، إذ ظهر في أواسط القرن الثاني عشر من استباح الخزانة الفيكيكية، وسرقت كتبها ومخطوطاتها والأمر لله.. وبالفعل فقد تلاشت خزانة سيدي عبد الجبار، والشاهد على ذلك فاضل آخر من فضلاء الزاوية الناصرية المفتونين بالخزائن والمكتبات: إنه سيدي محمد بن عبد السلام الناصري الذي كان قد حل بخزانة سيدي عبد الجبار الفيكيكي قرنا بعد زيارة سيدي أحمد بناصر عام (1197 هـ)، يقول في رحلته الكبرى : “وزرنا في خلال هذه المدة ضريح الإمام العلامة الشريف الإدريسي سيدي عبد الجبار اقتداء بسلفنا وبالغ بنوه في ضيافتنا تقبل الله منهم، وأوقفونا علي تفسيره في اثني عشر جزءا من الكبير، قال في أوله أنه اختصر القرطبي فوجدناه يزيد عليه زيادة مستحسنة وفوائد مستعربة يطرزها بعبارات رقيقة ويوسمها بجواهره، وعلى نظم مختصر أبي المودة خليل لابن ابنه أبي القاسم بن محمد بن عبد الجبار وهو نظم سلس(..) وما رأينا عالما تصدى لمنثور أبي المودة، وكانت لهذا الإمام ونبيه من بعده خزانة كتب عظيمة احتوت على دواوين غريبة ثم تلاعب بها الأيدي الحدثان ومر الدهور والأزمان فتفرقت شذر مذر حتى لم يبق منها إلا الأثر..
والحق أن ما ذكره الأستاذ بوزيان من مخطوطات خزانة سيدي عبد الجبار لا يعبر إلا جزئيا عما كانت تزخر به هذه الخزانة المباركة من أمهات الكتب في مختلف الفنون، وهذا يستشف بشكل كبير من شهادة الفضلاء الناصريين الذي عاينوا المكتبة في عز مجدها وبداية أفولها..
يذكر الدكتور محمد عابد الجابري أن المستشرق الفرنسي المشهور جاك بيرك حدثه في لقاء معه خلال ندوة بواشنطن في أبريل/نيسان عام (1982م) أن بيرك يتوفر في خزانته بفرنسا عدة مخطوطات لسيدي عبد الجبار، وقال: إنها مهمة جدا؛ وإنه ينوي تحقيقها عندما يسمح له الوقت بذلك، وقد مات جاك بيرك قبل أن يفعل..”، أما نحن فلا نعرف من مؤلفاته إلا تفسير القرآن العظيم، ومختصر حياة الحيوان للدميري، وبعض النوازل الفقهية، والقصائد الشعرية، وفهرست شيوخه..، رحم الله العلامة الفيكيكي وجازاه عن فكيك والإنسانية خيرا، والله الموفق للخير والمعين عليه..
المراجع المعتمدة:
• بنعلي محمد بوزيان، خزانة بني عبد الجبار بفجيج دار العدة، مجلة دعوة الحق، العدد 248 شعبان 1405هـ/1985م.
• بنعلي محمد بوزيان، من نوادر المخطوطات بخزانة الإمام عبد الجبار الفكيكي، دعوة الحق العدد 260 ربيع الأول: 1407هـ/1986م..
• بنعلي محمد بوزيان، الإمام عبد الجبار الفيكيكي مؤسس الصرح الثقافي بفكيك، دعوة الحق، العدد 254 ربيع الثاني/جمادى الأولى: 1406هـ/1986م.
• محمد بنشريفة “كتاب المستفاد في مناقب العباد” دعوة الحق، عدد 259، 1986م.
• محمد عابد الجابري، حفريات في الذاكرة.
• أحمد بناصر الدرعي، الرحلة الناصرية.
• محمد بن عبد السلام الناصري، الرحلة الكبرى.
أرسل تعليق