-
بالفعل فالمجتمعات في هذا العصر تحتاج إلى التربية والتزكية فهي السبيل لتحقيق الوحدة التآلفية بين الأفراد وتعميم مبادئ التآخي والمحبة..
-
أشكر الأستاذ الفاضل على هذا الموضوع الهام لكل مسلم يلتمس تربية نفسه فلا يسعه إلا أن يصحب شيخا عارفا المسالك المعين على تربية القلوب.. وقد ورد في تفسير في قوله عز وجل "قد أفلح من زكاها". قوله تعالى: "قد أفلح من زكاها" هذا جواب القسم، بمعنى: لقد أفلح. قال الزجاج: اللام حذفت؛ لأن الكلام طال، فصار طوله عوضا منها. وقيل: الجواب محذوف أي والشمس وكذا وكذا لتبعثن. الزمخشري: تقديره ليدمدمن الله عليهم أي على أهل مكة، لتكذيبهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما دمدم على ثمود؛ لأنهم كذبوا صالحا. وأما قد أفلح من زكاها فكلام تابع لأوله لقوله: فألهمها فجورها وتقواها على سبيل الاستطراد، وليس من [ص: 69] جواب القسم في شيء. وقيل: هو على التقديم والتأخير بغير حذف والمعنى: قد أفلح من زكاها، وقد خاب من دساها، والشمس وضحاها. أفلح فاز. من زكاها أي من زكى الله نفسه بالطاعة.
وقد خاب من دساها أي خسرت نفس دسها الله -عز وجل- بالمعصية. وقال ابن عباس: خابت نفس أضلها وأغواها. وقيل: أفلح من زكى نفسه بطاعة الله، وصالح الأعمال، وخاب من دس نفسه في المعاصي قاله قتادة وغيره. وأصل الزكاة: النمو والزيادة، ومنه زكا الزرع: إذا كثر ريعه، ومنه تزكية القاضي للشاهد؛ لأنه يرفعه بالتعديل، وذكر الجميل. وقد تقدم هذا المعنى في أول سورة البقرة مستوفى. فمصطنع المعروف والمبادر إلى أعمال البر، شهر نفسه ورفعها. وكانت أجواد العرب تنزل الربا وارتفاع الأرض، ليشتهر مكانها للمعتفين، وتوقد النار في الليل للطارقين. وكانت اللئام تنزل الأولاج والأطراف والأهضام، ليخفى مكانها عن الطالبين. فأولئك علوا أنفسهم وزكوها، وهؤلاء أخفوا أنفسهم ودسوها. وكذا الفاجر أبدا خفي المكان، زمر المروءة غامض الشخص، ناكس الرأس بركوب المعاصي. وقيل: دساها: أغواها. قال: وأنت الذي دسيت عمرا فأصبحت حلائله منه أرامل ضيعا..
قال أهل اللغة: والأصل: دسسها، من التدسيس، وهو إخفاء الشيء، فأبدلت سينه ياء كما يقال: قصيت أظفاري وأصله قصصت أظفاري. ومثله قولهم في تقضض: تقضى. وقال ابن الأعرابي: وقد خاب من دساها أي دس نفسه في جملة الصالحين وليس منهم.
المصدر: الجامع لأحكام القرآن- سورة الشمس- "قوله تعالى قد أفلح من زكاها"..
التعليقات