Image Image Image Image Image Image Image Image Image Image

ميثاق الرابطة |

انتقل إلى الأعلى

أعلى

٪ تعليقات

شيوخ التربية.. المهام والفاعلية في المجتمع المغربي

2- تحقيق الوحدة الوطنية

2. الشريف محمد أمزيان  

جاء في معلمة المغرب: “زعيم الريف الأول، ولد حوالي سنة 1860م بقرية أزغنغن من قبيلة أيت بويفور “إحدى قبائل الخمس التي تتكون منها القلعية” الواقعة جنوب مدينة مليلية، من أسرة شريفة يتصل نسبها بالحسن بن علي وفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم.

حفظ القرآن الكريم على يد والده في الزاوية التي كان يتزعمها وتعرف بزاوية سيدي أحمد بن عبد السلام بن صالح في نفس القرية “ازغنغن“. وكان للأب نفوذ كبير في كل القبيلة بفضل مواقفه المشرفة وسعيه الدائم لإصلاح أمور الناس. وبعد وفاته خلفه ابنه محمد أمزيان على رأس الزاوية المذكورة”[1].

اشتهر الشريف محمد أمزيان رحمه الله بفض النزاعات ومحاولاته الإصلاحية بين القبائل التي غالبا ما تكلل بالنجاح، خاصة في ظروف هيجان الفتن، حين اجتمعت كلمة الأوروبيين على رمي المغرب من قوس واحد.

ومن أعماله البطولية وقوفه سدا منيعا ضد مؤامرات بوحمارة فقد انضم إلى صفوف أنصار المخزن منذ الوهلة الأولى، فحارب ضد بوحمارة باللسان والسلاح، محذرا سكان الريف من كذبه، مبينا لهم أن اسمه الحقيقي هو الجيلاني الزرهوني، وليس المولى محمد بن الحسن كما كان يدعي.

وقد وجدت دعايته صدى لدى سكان هذه المنطقة مما جعل بوحمارة يصدر أوامره بالقبض عليه. لكن تقدير الناس له جعل بعضهم يُعلمُه بما يُدبر ضده. فأسرع في الخروج من داره مع بعض أتباعه متوجها إلى ملوية حيث يخيم الجيش المخزني الذي كان قد توجه إلى هنالك، فحارب في صفوفه، وذلك في مستهل سنة 1907م”[2].

 لكن هذا الجيش لم يستطع استئصال فتنة بوحمارة وأتباعه، مما اضطر الجيش المخزني إلى الاحتماء بمدينة مليلية، على خلفية عدم وصول الإمدادات المخزنية إليه، لكن الجيش “وجد في أمزيان خير مؤازر ومدافع”[3].

 وبعدها “انتقل محمد أمزيان من مليلية إلى برج سيدي بشير المحتل، محرضا السكان على الثورة ضد بوحمارة علانية وضد الاحتلال الإسباني خفية. لكن سلطات الاحتلال أبعدته من هنالك بسبب نشاطه الملحوظ ضد الاسبانيين، وأرجعته إلى مليلية ووضعته تحت المراقبة. فمكث بها بضعة أشهر دأب خلالها على إقناع الحاكم العسكري لمليلية الجينرال خوسي مارينا (JOSE MARINA) بالسماح له بمغادرة مليلية، ثم التوسط له لدى بوحمارة، فسمح له بالرجوع إلى قبيلة أيت بويفرور. وهكذا نجح في الإفلات من المراقبة المفروضة عليه، فانطلق متنقلا بين الأسواق والقبائل يدعو الناس للثورة ضد بوحمارة واقتفاء أثر الأمة في مبايعة المولى عبد الحفيظ. فوجدت دعوته استجابة تلقائية وسريعة أينما حل وارتحل، بسبب انكشاف أمر الفتان من جهة، وبسبب الإجماع الوطني حول سلطان الجهاد من جهة أخرى”[4].

من خلال هذه الأعمال الجليلة التي قدمها أمزيان، وناضل من أجلها، نظم صفوف القبائل لتوجيه ضربة قاضية للفتان بوحمارة، وفعلا تمت هزيمته في معركة بني ورياغل. وقد استشهد في ماي 1912م”.

يتبع في العدد المقبل بحول الله..

———————————

1. معلمة المغرب، المجموعة المغربية لتأليف، 3/757.

2. معلمة المغرب، 3/758.

3. نفس المصدر، 3/758.

4. نفس المصدر، 3/758.

التعليقات

  1. عبد الله متوكل

    اشكر الأستاذ المحترم على هذا العطاء العلمي التاريخي الهام
    وللتذكير فمحمد بن عبد الكريم الخطابي والشريف امزيان تنائي المقاومة بامتياز تمكنوا بفضل شجاعاتهم وايمانهم القوي ان يحققوا اعضم الملاحم البطولية رحمهم الله واسكنهم فسيح جناته

  2. عبد الحق صديق

    الشريف محمد امزيان هو من أبناء أحمد عبد السلام القلعي الريفي الامازيغي، ولد سنة 1859. أسست عائلته زاوية في أزغنغان قرب مدينة الناظور عرفت بزاوية أولاد أحمد عبد السلام القلعي، تلقى تعليمه في المسجد كسائر أبناء الريف المغربي في تلك الفترة، اشتغل منذ شبابه في التجارة، خاصة بين الريف والجزائر، وقد عرف بحميد الأخلاق ومساعدة الناس وحبهم، وتحلى بمجموعة من المزايا الشخصية من ذكاء واستقامة وحب لبلاده وقوة العزيمة وعبقرية في التنظيم ومعاشرة الناس أي كل الخصال التي تميز شخصية فذة، لذلك حظي باحترام أهل الريف، وكان حسن السمعة في قبائل قلعية وقبائل كبدانة، ولمكانته هذه كان يشرف على العقود الجماعية، ويقصده الناس لتسوية النزاعات.
    كان أبناء الريف حين ينهون حرث أرضهم ومنذ فصل الربيع وأيضا بعد جمع المحصول في فصل الصيف ينتقلون إلى الجزائر ليشتغلوا في ضيعات المستعمرين الفرنسيين، كان انتقالهم مغامرة محفوفة بالمخاطر، سواء حين يقطعون نهر ملوية الذي يمكن أن تجرفهم مياهه وكثيرا ما كان يحدث، أو بكثرة قطاع الطرق الذين يتربصون، خاصة خلال موسم العودة لتجريد الريفيين مما جمعوه من أشغالهم في الجزائر، لذلك كثيرا ما كانوا ينتقلون في جماعات في كنف شخص يعرف الطريق ويعرف كيف يقطع نهر ملوية.
    كانت تلك الجماعات من الريفيين تسير تحت كنفه سواء في ذهابهم أو في إيابهم، لحظوته بين الناس في الطريق، وفوق هذا كله يحترمه زعماء القبائل الريفية، ورغم أنه لم يدخل المعترك العسكري والسياسي إلا بعد أن بلغ الخمسين من عمره، فإن مكانته وأسرته في قبائل قلعية الريفية كان يفرض عليه أن يعيش أحداث أبناء جلدته عن كثب، خاصة تلك التي تتعلق بالحروب ضد اسبانيا وليس من المعقول أن يجهل حرب الريف 1893 بكل شراستها العسكرية وخطورتها السياسية، ويبقى بعيدا عن المناوشات اللاحقة مع الاستعمار. لذلك أيضا لا يمكن لامزيان إلا أن يطفو على سطح الأحداث حين نزل بوحمارة في الريف خاصة في قبائل ايث قلعية، فيتمرد عليه ويدعو القبائل إلى محاربته وهذا ما يؤكده الكاتب جرمان عياش " الشريف امزيان من الاوائل الذين تفطنوا إلى تواطؤ (الزرهوني) (بوحمارة) مع الأجانب وعملوا على فضحه"، لذلك كان الشريف أمزيان ضمن زعماء القبائل الذين تحركوا للدفاع عن أرضهم والقضاء على هذا الشرير الزرهوني القادم من أجل نهب خيرات الريف، واغتصاب النساء والأطفال (ولذلك خرب بوحمارة دار الشريف ونهبها)، وبعد أن انهزم بوحمارة الزرهوني أمام قبيلة آيت ورياغل، وتم طرده من الريف، ذهب امزيان على رأس وفد إلى مدينة فاس بالمغرب سنة 1909 لطرح قضية الريف وطلب المساعدة من سلطان المغرب للدفاع عن الأراضي والشرف ضد غزوات المستعمرين ولكنه لم يتلقى جوابا، فعاد إلى الريف ووحد كلمة القبائل للدفاع عن البلاد، وهكذا إلى أن تحمل مسؤولية قيادة ثورة الريف الأولى سنة 1909.

أرسل تعليق