شباب الأمة غناها
شباب الأمة غناها، إلا أنه لابد أن يتسلح بالنَّهَمِ المبارك للعلم وبناء القدرات، ترفده في ذلك زعامات الخير التي تسنده وتدعمه، وتنتقل به من جيل إلى جيل عبر قنوات التنشئة الاجتماعية ليثبت نفسه ويؤكد وجوده باعتباره قوة عاملة للنهوض بكل المجتمعات البشرية، لهذا فلنكن متحلين بالثقة، ولندع الشباب يعرف كيف يستخدم عقله ليحدد للأمة موقعها من المنظومة البشرية، إن الشباب جيل يختلف عن جيلنا لذلك فعلينا أن نعتبره خير من ينشط الدورة الدموية عبر قلب الأمة بشرايينه السليمة، وهو جيل يملك السرعة الكافية لتخطي الضرر والتلف، وهو خير من يملك القدرة بالنفس الطويل على السفر الطويل، ولقد علمتنا التجارب الإنسانية أن الشباب هم أصحاب المواقف المشرفة في نصرة قضايا التحرير، مع تأكيد إنسانية الإنسان، وهم أقرب إلى ذهن الجادين بما يرفع من قيمة الجمال، والجمال هو منطلق الحرية وبوابتها، والقيم الإنسانية الخالدة الداعية إلى الحق والخير، هم المبدعون دوما وصانعوا الجديد في مسيرة الإنسانية وتاريخ الإنسان كله.
إن الشباب عبر نهر البشرية المتدفق يشعر بجسامة المسؤولية، ودوره خطير وعظيم، ونشاطه في الحقل الحضاري نشاط مضاعف، والعنصر المثالي المعياري اللائق للعمل إذ بسرعة يجد نفسه بين المهرة المحركين لدواليب العمل وبقدرة على التحليل والتصور وحدة الإبصار، والاستمرار الحتمي اللامحدود، لذلك: علينا ألا نعزله عن النور الذي يسعى لتحقيقه بأدوات حققت نتائج مدهشة في كل الأزمان مع البراعة في المثابرة، إلى حد بعيد بما يفي بالغرض، وإعادة الاتزان لكل جنوح يطرأ على الساحة البشرية، وارتباطه بنظام أخلاقي يقوم على الشرف والاحتشام، وتحديد الهوية المحكومة بالمبادئ الإنسانية، وتنظيم العلاقة الحضارية في بؤرة اهتمام الإنسان المتسامح.
وإمعانا في التقدير نجد المواهب الشبابية يحالفها التوفيق بنظرة جديدة وسديدة تتألق في سماء الإنسانية وتنطلق عبر نمط جديد تحمل أفكارا جديدة تتفاعل مع إرث العراقة بداخلهم، وبين هذه العراقة والجدّة مشوار طويل يطوي صفحات النسيان والذوبان، رافعا أمامه راية النصر وبأسلوب لين اعترافا بالجميل للعاملين، ومركزا على شراكة الأجيال البشرية في الكفاح، وهو عمل رائع خلف صدى عميقا وعظيما في النفوس لضبط اللحظة التي تمكن من ناصية العصر، وتسخيره لنفع الإنسانية كرمز لنجمة العلو البعيدة المنال، أو كنخلة ذات خصب ورخاء وشموخ ونسل وفير، وإن شئت فهي الثقة المؤسسة التي تبعث في الآخرين الأمان مع تحقيق الرغائب والآمال.
وجريان التطور قد مكّن الشباب من التحول من الوضع الآسن الجامد المقفل، إلى الانفتاح والثراء والمشاركة في صنع أحداث العصر وآلياته، واليوم والشباب جزء من الأمة لا يمكن إلغاؤه لأنه الملجأ المبارك الذي يحمي الإنسان لتبدأ الحياة الجادة كل يوم من جديد، يربط وصالا مع الشباب الآخر بصورة ودية وفي الوقت نفسه يصون مقدسات الأمة وثوابتها، ألا نراه صادقا في صمته بارعا في عمله؟ إن الشباب هو الأذرع المفتولة التي تحمل الهموم والأحجار، وتزوّد الأمة بالقدرة على الارتقاء والنماء.
أرسل تعليق