دستور التسامح في الإسلام مبادئه النظرية ووسائله العملية.. (4)
المبدأ السادس: تعريف الإنسان بأن التعاون المثمر بين البشر على تحقيق الأهداف الكبرى للإنسانية لا يمكن ضمانه واستمراره بفاعلية ونجاح إلا في جو من الآمن والسلام المتبادل، ولا يزدهر الازدهار الكامل، إلا عندما تكون العلاقات الإنسانية مطبوعة بطابع المودة والبرور والتقدير، فعن الشق الأول وهو السلام المتبادل يقول عز وجل: “وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم” [الاَنفال، 62]، وعن الشق الثاني وهو التقدير المتبادل يقول عز وجل جلت قدرته: “لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين” [الممتحنة، 8]، ويلاحظ أن هذه الآية لم تكتف بالعدل الذي هو حق للجميع بل أضافت إليه الإحسان والبر الذي هو قدر زائد على العدل، والتسليم بهذا المبدأ السادس يؤدي إلى إعداد المناخ السليم الذي يشجع على التعاون مع الآخرين في جو من الثقة المتبادلة والطمائنينة والانسجام من أجل خدمة الصالح العام.
هذه هي المبادئ الأساسية التي يؤدي تلقينها للناس وتسليمهم بها إلى الاستعداد التام لممارسة التسامح في جميع مجالات الحياة دون تكلف أو مشقة وبصورة مستمرة لا انقطاع فيها باعتباره واجبا دينيا وخلقيا لا يتم الإيمان إلا به..
وأم الوسائل العملية التي شرعها الإسلام لنشر التسامح بين الناس على أوسع نطاق وتعميق جذوره في النفوس وطبع الحياة اليومية بطابعه السمح الجميل فهي وسائل متعددة ومتنوعة..
يتبع في العدد المقبل بحول الله تعالى..
بحث مقدم إلى الدورة الدولية التي عقدتها لجنة “حقوق الإنسان” حول التسامح الديني والفكري بمنطقة الأمم المتحدة في جنيف من 3 إلى14 دجنبر 1984، وقد ترأس الأستاذ محمد المكي الناصري الوفد المغربي الذي مثل المغرب في هذه الدورة، وقدم باسمه هذا البحث..
أرسل تعليق