حاسة السمع
تتميز الأذن بتكوين مدقق وبناء معقد، فهي ليست كباقي أجهزة جسم الإنسان كالكبد والمعدة مثلا، لها عمل محدد، بل إضافة إلى حاسة السمع، تلعب الأذن دورا أساسيا في حياتنا الشخصية والاجتماعية والمعرفية مقارنة بأعضاء الحواس الأخرى. يساهم السمع بشكل كبير في تنمية القدرات العقلية والشعورية لدى الطفل ابتداء من الأيام الأولى من عمره. ولعظيم أمر هذه الوظيفة جاء ذكرها في القرآن الكريم عدة مرات، قال الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه: “قُلْ هُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْاَبْصَارَ وَالْاَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ” [الملك، 24].
تتكون الأذن من ثلاثة أجزاء:
• الأذن الخارجية التي تتركب من الصوان الذي يتكون من مادة غضروفية، ويحمل طيات وليات يعكس بواسطتها موجات الصوت الملتقطة ليوصلها إلى الداخل، وقناة الأذن الخارجية التي تحتوي على مادة الصماخ الذي يعمل على إخراج الجراثيم، وتنظيف الأذن من الأوساخ المحمولة بالرياح، ويحول دون دخول الحشرات. إن شكل القناة الكهفي المملوء يساعد الأذن في تقوية الصوت الضعيف حتى يصل إلى طبلة الأذن؛
• الأذن الوسطى عبارة عن تجويف هوائي يقع بين الأذن الخارجية والداخلية يحافظ على توازن الضغط على الطبلة وذلك من خلال قناة ستاكيوس المتصلة بتجويف الحلق والأنف، وهي تحتوي على غشاء الطبلة وعظيمات السمع الثلاث (المطرقة والسندان والركاب). تعمل هذه العظيمات على نقل الذبذبات الصوتية من غشاء الطبلة إلى الأذن الداخلية؛
• الأذن الداخلية مركبة من جزئين: القوقعة ذات الشكل الحلزوني وهي تضم آلاف الشعيرات الدقيقة التي تقوم بتحويل الذبذبات الصوتية إلى سيالات عصبية تنتقل عبر العصب السمعي إلى الدماغ. ثم القنوات شبه الهلالية التي تقوم بحفظ التوازن، وتزويد الدماغ بالمعلومات الضرورية عن حركة الرأس وموضعه والإحساس بالسرعة.
إن كل عضو خلقه الله عز وجل في جسم الإنسان إلا ونجده سبحانه قد أحكم صنعه وأبدع صورته، تستقبل الأذنان أصواتا كثيرة ومختلفة حيث تستطيع أن تميز حوالي 40 ألف لحن مختلف بواسطة 30 ألف خلية سمعية تحولها إلى سيالات عصبية ينقلها عصب السمع إلى الجهاز العصبي المركزي الذي يترجم رموزها في بضعة أجزاء من الثانية.
إنه بحق جهاز استقبال صوتي يعجز الفكر والعقل لا من حيث التكوين ولا من حيث القدرة أو الكفاءة.. وما خلقه الله سبحانه وتعالى عبثا بل إننا مسئولون فيما نستخدمه وسنحاسب فيما نستعمله قال الله عز وجل: “إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً” [الاِسراء، 36]، يرتكز عمل الدماغ على ما يتلقاه من إشارات وإحساسات ومعلومات تصل إليه من المحيط الخارجي عبر أعضاء الحواس، لذلك نجد الله عز وجل أمر بتجنب الفواحش سمعا ورؤية ولغوا وفعلا لأن الدماغ يتأثر بكل ما يستقبله. وفي المقابل تصبح الأذن عضوا فاعلا في تكوين شخصية صالحة مصلحة إذا اعتادت على إدراك وتمييز الخير عن السوء فتتجنبه، قال الله سبحانه وتعالى: “وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ. إِنَّ شَرَّ الدَّوَابَّ عِندَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ” [الاَنفال، 21-22]، وقال جل وعلا “الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُواْ الْاَلْبَابِ” [الزمر، 17].
المراجع:
1. عرفان يلماز، أنا أذن عبد الله، حراء، العدد 8، 2007.
2. ماهر أحمد الصوفي، آيات الله في خلق الإنسان وبعثه وحسابه، الموسوعة الكونية الكبرى، المكتبة العصرية – بيروت، 2008.
أرسل تعليق