توسع الكون
يقول الله سبحانه وتعالى “وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْيدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ” [الذاريات، 47]. أخبرنا القرآن الكريم منذ أربعة عشر قرنا عن حقيقة توسع الكون، وهو يبرهن كما في كل اكتشاف جديد على صدق قداسته وأنه لابد وأن يكون كلاما إلاهيا محضا، ووحيا من رب العزة وخالق الكون الذي يعلم كل ما يتعلق بمخلوقاته.
إن أول عالم تنبأ بتزايد قطر الكون هو العالم الفيزيائي الروسي -ألكسندر فريدمان- من خلال نماذجه الرياضية، المستنبطة من النسبية العامة لاينشتاين، التي برهن من خلالها على وجود بداية لهذا الكون “الانفجار الأعظم” وعليه فإن الكون يتوسع باستمرار.
خلال العشرينات من هذا القرن كان الفلكي أدوين هابل يقوم برصد نجوم السماء ومجراتها البعيدة باحثا في تكوينها. ارتكز بحثه على دراسة الطيف المرئي المنبعث من هذه الأجسام وهذا ما يسمى بعلم التحليل الطيفي-Spectroscopy-. انطلاقا من مقارنة الأطياف المنبعثة المجهولة بالطيف القياسي للمواد المعروفة تتم عملية تحديد مكونات تلك الأجرام الملتهبة.
لقد وجد هابل أن أطياف المجرات تنزاح نحو الأحمر. في عام 1929م أعلن أن المجرات تبتعد عنا في جميع الاتجاهات بسرعة تتناسب مع بعدها عنا. وبذلك صاغ هابل قانونا كونيا جديدا يسمى “قانون هابل” الذي ينص على أن سرعة ابتعاد المجرات الخارجية تتناسب طرديا مع بعدها عنا. إن تفسير هذا القانون هو أن الكون في حالة تمدد أينما كان موقعنا في الكون.
أكد العلماء أن توسع الكون يعتبر أعظم ظاهرة اكتشفها العلم الحديث، وقد أصبح مفهوم التوسع ثابتا وحقيقة لا جدال فيها، فالأبحاث العلمية المعاصرة تهتم بالكيفية التي تتم بها هذه الظاهرة. إن ابتعاد المجرات عنا في جميع الاتجاهات لا يعني بالضرورة أننا نقع في مركز الكون، ولكنه الذي يتوسع حقيقة هو الفضاء بين النقاط جميعا دون استثناء وبنفس النسبة.
أثبتت الأبحاث العلمية الحديثة التي ابتدأت منذ سنة 1998م أن الكون في توسع متسارع من خلال دراسات تحليلية للنجوم المستعرة أو -Supernova Ia-. تبلغ هذه الدراسات عن نموذج (لا مبدا س د م) الكوني Lamda-CDM(Cold Dark Matter)- والذي يتبنى فرضية وجود طاقة، تحقن في الكون باستمرار، ذات ضغط سلبي، تتصرف مثل قوة ذات جاذبية طاردة وهي تمثل-73%- من الكثافة الشاملة للطاقة الكونية سميت بـ “الطاقة المظلمة -Energie noire-“.
إن القرآن من أعظم المعجزات التي خص بها الله نبينا الأكرم صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله، فهو بحر غني بالأسرار الكونية التي مازال التطور العلمي يكتشف حقائقها. قال الله سبحانه وتعالى: “وَلَتَعْلَـمُنّ نَبأَهُ بَعدَ حِينٍ” [ص، 86].
——————————————-
1. ماهر أحمد الصوفي، الموسوعة العلمية الكبرى، آيات الله في خلق الكون ونشأة الحياة في السماء الدنيا والسموات السبع، المكتبة العصرية صيدا-بيروت، 2008م.
2. محمد باسل الطائي، صيرورة الكون، مدارج العلم ومعارج الإيمان، عالم الكتب الحديث، الطبعة الأولى، 2010م.
3. Jean-Pierre Luminet.l(univers est-il infini ? les dossiers de la recherche N°21 .Novembre 2005.
4. Jean-Marc Bonnet-Bidaud.Mond une nouvelle théorie de l’univers.Ciel et espace. Décembre 2006.
-
يقول الله عز وجل "سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق".
إن عظمة الله سبحانه وتعالى تتجلى في خلق الكون الشاسع وكيف أن الكواكب في مجرتنا لا تخرج عن المسار الذي وضعه لها الله سبحانه .
وكيف أن النجوم تموت ثم تولد من جديد لتبقى بقدرة الله مصابيح في السماء.
فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء، وهو على كل شيء قدير.
التعليقات