تهذيب الأخلاق
جاء القرآن الكريم زاخرا بالآيات البينات، التي تحض على تهذيب الأخلاق والعمل الصالح بعد الإيمان بالله وبث ضروب الخير، والترفع عن نوازع الشر؛ لأن خير البرية هم الذين أكرمهم الله بنور الإيمان معززا بساطع البرهان فبدلوا في المحافظة عليه كل نفيس وغال مخلصين لله العبادة في السراء والضراء، ومعاملين عباده المؤمنين بالخير والإحسان، الأمر الذي يدل على أنهم متمتعون بما أكرمهم الله به من عقل وما تفضل به عليهم من إدراك، وبذلك تتحسن العلاقات بين المسلمين وتتوطد بينهم دعائم الأخوة والفضيلة التي بها وحدها يسعد هذا الوجود.
ومازال القرآن الكريم يحض على التحلي بالحسنة في القول والعمل، والتخلي عن السيئة التي تؤول بصاحبها إلى ما لا تحمد عقباه فيدعو نبيه صلى الله عليه وسلم إلى أن يدفع بالتي هي أحسن جلبا للقلوب وتأليفا للنفوس وإرشادا لفضيلة الصبر على الأذى في سبيل نشر مبادئ الإسلام وتعاليمه.
وكان الحسن رضي الله عنه إذا قرأ قوله تعالى: “وَمَنْ اَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ” [فصلت، 32] يقول: “هذا رسول الله، هذا حبيب الله، هذا ولي الله، هذا صفوة الله، هذا خيرة الله، هذا والله أحب أهل الأرض إلى الله، أجاب الله في دعوته، ودعا الناس إلى ما أجاب إليه”[1].
ومن الفضائل التي جاء بها الإسلام وحض عليها مقابلة السفه بالصبر والغلظة بالحلم، والسيئة بالحسنة حتى تنقلب العداوة إلى مودة، والشناءة إلى إخاء وتعاطف، وقد سئل سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه في هذا الموضوع فقال: “ما عاقبت من عصى الله فيك بمثل أن تطيع الله فيه نعم لا يقدر على احتمال هذه الوصية العظيمة”. “وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ” [فصلت، 34].
————————–
1. الجامع لأحكام القرآن، محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي، الجزء الخامس عشر، ص:321.
ميثاق الرابطة، العدد: 824، الخميس 9 صفر الخير 1419هـ، الموافق لـ 4 يونيو 1998م، السنة الواحد والثلاثون.
أرسل تعليق