تنامي حركات التطرف الديني والطائفي في المنطقة، جرد أولي للأسباب، ومقترحات للتجاوز.. (4)
1. ورش اجتماعي تحصيني
وينطلق من استحضار كافة القضايا المجتمعية الحارقة، من معاناة أهل المعاناة وبلورة سبل التضامن لتجاوزها، وعضة الفقر والعوز ومحاربتها، ومكافحة كافة الأمراض وأضرب الإدمانات، وحماية المهجّرين والمقتلعين من أوطانهم، وترشيد المؤسسات العاملة في هذه المجالات، وتعزيز قدرات أهلها، ثم بلورة مشاريع تنموية حضارية راشدة تستقطب أذرع وطاقات الشباب، مع السعي إلى تمكينهم عبر التعليم الفاعل، والإعلام الباني، ومؤسسات المجتمع المدني والتنمية البشرية النابضة، مما يقتضي تكوين الكفاءات وبناء المؤسسات القادرة على مباشرة كل هذه المشاريع برشادة وتمكن.
2. ورش مضموني
تتم فيه بلورة المضامين الأصيلة المتزنة والوسطية المعتدلة، ونقش استراتيجيات تقريب فحواها من عموم أهل المنطقة، لتحصينهم من أضرب الاختراقات المختلفة، ولكون هذا الورش هو العماد، فلابد فيه من بعض تفصيل.
يُسَجَّلُ اليوم، أن أنماط التنشئة المرتبطة عضويا بالأبعاد الرقمية والفضائية الحديثة، قد أقرت في مجتمعاتنا سلالم جديدة من القيم، والمعايير والأخلاق، والسلوكات، والتي أسهمت جميعها في بناء شخصية إنساننا على شاكلة غير مسبوقة، ووفق مضامين لا تنتمي إلى المنطقة، ولا إلى مرجعياتها، وبفنّية عالية تعطيها جاذبية كبيرة تعزّ مقاومتها. فالإحصاءات تثبت أن الشاب في المنطقة لا يبلغ الثامنة عشرة من عمره إلا وقد رأى أربعين ألف حالة قتل – حدّا أدنى – سواء على شاشة التلفيزيون، أو شاشة النينتاندو، أو الكمبيوتر، ومائة ألف حالة عنف وعدوان –حدّا أدنى- وإذا كان شبابنا في هذين الإحصاءين يلتقي مع شباب العالم، فإنه يختلف عنه بكونه لا يبلغ الثامنة عشرة، إلا وقد سمع عبر الأخبار، أو في مختلف أوساط وجوده العائلية وغيرها، عن الآلاف من حالات القتل والعدوان التي يمسّه بعضها بشكل مباشر، مما يقتضي لزاما، لمواكبة، واستيعاب، وتأطير كل ذلك، مراجعة البعد الإعلامي، وتشجيع إنتاج برامج تثقيف وتسلية بديلة، ومنتجات كرتون محلّية مربّية وحاملة لقيم الدفع والإيجابية، وكذا تشجيع إنتاج الألعاب الإلكترونية البانية، المنافسة لما هو موجود في السوق، ومراجعة مناهج إنتاج التربية وبلورة آلياتها في المنطقة، مراجعة تأخذ بعين الاعتبار خصائص هذه المصفوفة الحياتية الجديدة، وتحدياتها من حيث تكوين المدرسين والمشرفين التربويين، وإعداد المضامين والمناهج والبرامج، واعتماد الآليات والوسائل المناسبة لهذا السياق الراهن..
يتبع في العدد المقبل..
أرسل تعليق