تنامي حركات التطرف الديني والطائفي في المنطقة، جرد أولي للأسباب، ومقترحات للتجاوز.. (2)
الطائفة الأولى: نخبة غير كفؤة
1. أن النخب في المنطقة، على العموم، من أنصاف المتعلمين حظهم من المبادئ والقيم الإيجابية والأخلاق البانية غير كاف، نخب تحب المال والجاه والسلطة والاحترام، رغم غياب شروط استحقاق كل ذلك، فأضحت هذه النخب للأسف، نخبا يتجسد فيها تداخل الفساد، وفشل الحكامة؛
2. أن هذه النخب لا تعير العلم، رغم مركزيته في بناء قدرات الأفراد والجماعات، ما يكفي من الأهمية، فأضحت نخبا ترتكز في تسييرها لشؤون بلدانها، على الولاء والريع والاستغلال، عوض الكفاءة والاستحقاق، مما جعل فئات عريضة من الشباب، لا تعترف بهذه النخب، وتناصبها العداء لشعورها بالتهميش؛
3. الافتقار البارز لدى هذه النخب إلى الرؤية الإنمائية الناجعة، وإلى الطابع الأصيل، والشخصية الريادية، كما يسجل عند كثير من أفراد هذه النخبة، أمنيزيا الذاكرة، وضمور الإرادة مما يجعل الجيّد من الأفكار يأتي ويذهب، لفقدان شروط التلقّي والأجرة.
2. الطائفة الثانية: عنف مادي وعنف معنوي
1. شبوب نيران عنف غير مسبوق في المنطقة، عنف لم يستثن نوعا من الأسلحة، مما في ذلك أسلحة الدمار الشامل التي يستعملها أبناء الوطن الواحد ضد بعضهم البعض باسم الدين والتّدين؛ وهو عنف أصبح له في بلدان المنطقة الشرق أوسطية على الخصوص، نوع من الاستمرار والديمومة، جعله يبدو للأسف كما لو كان أمرا مألوفا يمكن أن يُتساكن معه؛
2. اشتعال الساحة بقدر كبير من فتاوى التكفير والتفسيق والتبديع، فأضحت النصوص الدينية التي من المفروض أن تشكل الإجماع محط النزاع والتوظيفات والتوظيفات المضادّة، فاستبيحت الدماء، ولم يعد ثمة مكان لشرعية الطاعة والانضباط لمقتضيات الأمن الجماعي، واجتناب شق عصا الأوطان، وبذريعة النهي عن المنكر، اقترفت أفظع وأنكر المنكرات، فاستُحِلّت الدماء المعصومة والأموال المصونة.
3. الطائفة الثالثة: ضعف المؤسسة العلمائية
1. غياب توافر العدد الكافي من العلماء الرموز من أهل الاعتدال والوسطية ذوي سلطة معنوية ومصداقية وحكمة وخصاصة، يُفزع إليهم لحل الإشكالات وتبديد المدلهمات؛
2. ضعف المؤسسات العلمائية وكذا المحاضن التي تُربّي وتدرّب العلماء ذوي التّمَكّن، والقدرة، لمواجهة الخطابات المشيعة للأحقاد، والتي تهدد نسيج أوطان المنطقة بالتفكك الطائفي، وضعف عوامل المناعة الذاتية فيها، والتي كانت تمكّنها من مواجهة المؤامرات والتحديات والأطماع؛
3. ذيوع الفهوم المتسمة بالحرفية والتجزيء، والمتجانفة عن فهم النص والوعي بالسياقات والعادات والأعراف في ابتعاد تامّ عن تحقيق المناطات واعتبار المآلات، فهوم مجتثة من أرض المقاصد الشرعية الركنية، وقواعد التنزيل والإمضاء المكينة…
والله المستعان
أرسل تعليق