النخيل من أكثر النباتات ذكرا في القرآن الكريم، وثماره من أغنى الفواكه وأفيدها. فقد أكد النبي صلى الله عليه وسلم على أهمية التمر عندما قال لعائشة رضي الله عنها: في الحديث الذي أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن أَبِي الرِّجَالِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “يَا عَائِشَةُ بَيْتٌ لَا تَمْرَ فِيهِ جِيَاعٌ أَهْلُهُ أَوْ جَاعَ أَهْلُهُ، قَالَهَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا..” وفي القرآن الكريم نجد أن هناك إحدى الآيات القرآنية التي أشارة إلى بعض فوائده الغذائية لدى المرأة الحامل، حيث قال مولانا الكريم: “أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا” [مريم، 23-25].

فقد عرف الإنسان التمر منذ القدم وقد استعمل كغذاء منذ أزيد من 6000 عام، يعرف علميا باسم -Phoenix dactylifera- وهناك أزيد من 2000 نوع من التمر. موطنه الأصلي هو الجزيرة العربية وشمال المغرب العربي، وهو يزدهر في المناطق ذات الجو الحار والجاف صيفا.

تَمر ثمرة النخيل بخمسة أطوار وهي تستغرق حوالي ستة أشهر حتى تنضج. يسمى الطور الأول “الحبابوك أو السدي” وهو يتشكل فور إلقاح الزهرة، والطور الثاني “البلح” وتكون الثمرة بيضاوية الشكل خضراء اللون ومرة الطعم. الطور الثالث “الخلال أو البسر” تبلغ الثمرة حجمها النهائي خلال هذه المرحلة، ويكون لونها أصفر أو مشوبا بالحمرة وطعمها قابض مع شيء من الحلاوة. الطور الرابع “الرطب” يصبح نصف الثمرة السائب لحمي، عسلية اللون وحلوة الطعم. أخيرا طور التمر بعدما ينضج النصف الثاني من الرطب فيعتم لونه وتتجعد قشرته.

إن ثمار النخل مادة غذائية متكاملة، فهو يتوفر على كمية مهمة من -الكربوهيدرات- قد تصل إلى 70% “سكروز، فركتوز، جلوكوز” وبروتينات، ودهون وفيتامينات (ب1، ب2، أ) وألياف، وفلافنويدات، والعصف وكذا الأملاح المعدنية كالحديد، البوتاسيوم، الكالسيوم، والنحاس، المغنزيوم والفسفور، والكلور.

أثبت الطب الحديث أن الرطب يساعد على تسهيل الولادة حيث يزيد في انقباض الرحم ويقوي عضلاته في الأشهر الأخيرة من الحمل، كما يفيد في الوقاية من النزيف بعد الولادة. يحتوي الرطب على مادة -الأوكستوسين- التي تنظم تقلصات الرحم أثناء الولادة وانقباضه بعد الولادة كما له دور هام في تدفق الحليب لدى المرضعة. يمتاز التمر بخاصية ضبط نشاط الغدة الدرقية، كما أنه غني -بالمغنزيوم- لذلك فهو يفيد في تهدئة الأعصاب لدى المرأة الحامل التي تعاني غالبا من التوتر العصبي.

قام البروفسور “جمعة الكعبي” وزملاؤه في قسم الطب الباطني في كلية الطب والعلوم الصحية بجامعة الإمارات العربية المتحدة، بدراسة خمسة أنواع من التمور، وقد وجد الباحثون أن هذه الأخيرة لها مشعر سكري-index Glycemic- منخفض نسبيا، توافق نتائج هذا البحث الأبحاث السابقة التي أجريت على بعض أنواع التمور كتلك الدراسة التي قام بها البروفسور “ميلر” وزملاؤه على ثلاث أنواع من التمر “خلاص، برحي، بومعان”؛ وقد يرجع هذا الانخفاض إلى كون التمر غني بسكر -الفركتوز- ويحتوي على نسبة عالية من الألياف.

والى جانب ذلك فقد أثبتت دراسة قام بها باحثون من دولة النيجر على أحد أنواع الفئران، أن مستخلص التمر يفيد في الزيادة من إنتاج الخضاب الدموي والكريات البيضاء والصفيحات الدموية. وهذا في حد ذاته يوافق الأبحاث العلمية التي تُقر أن التمر يعالج فقر الدم ويساعد على مقاومة الجراثيم.

وعليه فالأطباء ينصحون الأمهات بإعطاء التمر للأطفال؛ لأنه غني بفيتامين “A” الضروري للبصر وفيتامين “B” المقوي للأعصاب والعضلات، وأنه يساعد على خفض ضغط الدم وعلاج الإمساك وتقوية الذاكرة؛ لأنه غني بالفوسفور.

وقد أظهرت كذلك الأبحاث العلمية التي أجريت مؤخرا على أحد أنواع الفئران -Wistar rats-، أن مستخلص التمر يساعد على انخفاض نسبة الكلسترول والدهون في الدم. فمن المحتمل أن يلعب التمر دورا هاما في النظام الغذائي لدى المصابين بالسمنة.. فقد لاحظ الباحثون أن فريق الفئران الذين تلقوا جرعات مستخلص التمر بموازاة نظام غذائي غني بالدهون لهم نسبة أكثر انخفاضا من الكلسترول والدهون مقارنة مع الفئران الذين تناولوا نفس النظام الغذائي بدون مستخلص التمر.

إن التمر في الحقيقة هو أفضل غذاء يفطر عليه الصائم، فهو يمتاز بسهولة الهضم، ونسبة عالية من السكر، سريع الامتصاص، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقتصر في إفطاره على بضع تمرات وجرعة من الماء يقوم بعدها إلى الصلاة، فعن حفصة بنت سيرين عن الرباب عن عمها سلمان بن عامر يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر فإنه؛ بركة فإن لم يجد تمرا فالماء فإنه طهور..”.

المراجع

1. نادية الطيارة، موسوعة الإعجاز القرآني في العلوم والطب والفلك، الجزء الأول، الطبعة الأولى، مكتبة الصفاء أبو ظبي، 2007م.

2. موسوعة جابر بن سالم موسى القحطاني لطب الأعشاب، العبيكان- الرياض، الطبعة الأولى، 2008م.

3. صحيح مسلم: كِتَاب الْأَشْرِبَةِ بَاب فِي ادِّخَارِ التَّمْرِ وَنَحْوِهِ مِنَ الْأَقْوَاتِ.

4. سنن الترمذي، كتاب الزكاة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في الصدقة على ذي القرابة.

5.Juma M Alkaabi and Al, Glycemic indices of five varieties of dates in healthy and diabetic subjects, Nutrition Journal 2011, 10 :59

6.SN Onuh and Al, Haemopoietic activity and effect of crude fruit extract of Phoenix dactylifera on peripheral blood parameters, international journal of biological and medical research, 2012,3(2) :1720-1723.

7.S.Vembu, D.Sivanasan and G. Prasanna, Effect of Phoenix deactylifera on high fat diet induced obesity, Journal of Chemical and Pharmaceutical Research, 2012,4(1) :348-352.